والجواب من وجوه :
أحدها : انه تعالى لما أراد نسخ ما كان فى الجاهلية من تحريم أزواج الأدعياء ، أوحى إليه : أن «زيد» يطلق زوجته ، فان طلقها فتزوج أنت بها. فلما حضر «زيد» ليطلقها ، أشفق رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من أنه لو طلقها لزمه التزوج بها ، فيصير سببا لطعن المنافقين فيه. فقال له : «أمسك عليك زوجك» وأخفى فى نفسه عزمه على نكاحها بعد أن يطلقها زيد. وهذا التأويل هو المطابق لقوله تعالى : (فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها ، لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ).
وثانيها : ان زيدا لما خاصم زوجته زينب ـ وهى بنت عمة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ وأشرف على طلاقها ، أضمر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه ان طلقها «زيد» يتزوج بها ، لأنها كانت ابنة عمته ، وكان يحب ضمها الى نفسه. كما يحب أحدنا ضم قرابته إليه ، حتى لا ينالهم ضرر ، لا أنه عليهالسلام ما أظهر ذلك اتقاء من ألسنة المنافقين. فالله تعالى عاتبه على التفات قلبه الى الناس. وقال : (وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ)
وثالثها : ان «زينب» طمعت فى أول أمرها أن يتزوج بها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فلما خطبها الرسول لزيد ، شق ذلك عليها وعلى أبيها وأمها ، حتى نزل قوله تعالى : (وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ ، إِذا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً ، أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ) فعنده انقادوا كرها ، فلما دخل عليها زيد ، لم تساعده ، ونشرت عنه ، لاستحكام طمعها فى الرسول عليهالسلام ، واستحقارها زيدا ، فشكاها «زيدا» الى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال عليهالسلام : «أمسك عليك زوجك» وأخفى فى نفسه استحكام طمعها فيه ، لأنه عليهالسلام لو ذكر ذلك لزيد ، لتنغصت عليه تلك النعمة. وقال المنافقون : انه انما قال ذلك طمعا فى تلك المرأة.