ورابعها : قول يوسف عليهالسلام : (هِيَ راوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي) [يوسف ٢٦] وفى آية أخرى : (رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ ، مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ) [يوسف ٣٣] وفى آية أخرى : (ذلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ) [يوسف ٥٢] فلو قصد المعصية ، لكان قد خانه بالغيب.
وخامسها : اعتراف «زليخا» بذلك : (وَلَقَدْ راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ ، فَاسْتَعْصَمَ) [يوسف ٣٢] وفى آية أخرى : (الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ ، أَنَا راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ. وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ) [يوسف ٥١].
وسادسها : شهادة رب السموات والأرض بذلك. وهى قوله : (وَراوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِها عَنْ نَفْسِهِ) [يوسف ٢٣] وفى آية أخرى : (كَذلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشاءَ ، إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُخْلَصِينَ) [يوسف ٢٤]
وسابعها : اقرار «ابليس» بأن يوسف كان مبرأ عن تلك التهمة. لأنه (قالَ : فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ، إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) [ص ٨٢ ـ ٨٣] فأقر : أنه لا تعلق له بالمخلص. والله تعالى شهد بأن يوسف كان من المخلصين. كما قال : (إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُخْلَصِينَ) [يوسف ٢٤]
فهذا الطعن الّذي قاله أهل الحشو باطل من كل الوجوه. فان كان الحشوى على دين الله ، وجب عليه أن يقبل قول الله وشهادته. وان كان على دين (١٧) ابليس ، وجب عليه أن يقبل قول ابليس.
اذا ثبت هذا فنقول : الهم هو العزم ، ولا يمكن تعلق العزم بذاتها ، لأن الذوات حال بقائها ، لا تتعلق الارادات بها ، بل لا بد من تعلق العزم باحداث فعل فى تلك الذات. وذلك الفعل غير مذكور ،
__________________
(١٧) دين : ب : كفر : ا