الحجة السادسة لهم : اذا غرزنا خشبة فى الأرض ، فعند طلوع الشمس يقع لها ظل طويل ، ثم كلما ازادات الشمس ارتفاعا ، ازداد ذلك الظل انتقاصا. فإذا فرضنا أن الشمس ارتفعت بمقدار جوهر فرد ، فاما أن لا ينتقص البتة من الظل شيء ، أو ينتقص. والأول باطل. اذ لو عقل أن ترتفع الشمس جوهرا فردا ، ولا ينتقص من الظل شيء ، جاز أن ترتفع ثانيا وثالثا ولا ينتقص من الظل شيء ، حتى تصل الشمس الى وسط السماء ، ويبقى الظل كما كان. وهو محال. واما أن ينتقص من الظل شيء. فاما أن يقال : كل ما ارتفعت الشمس جزءا واحدا ، ينتقص من الظل جزء واحد. فحينئذ يلزم أن يكون طول الظل مثل مدار ربع الفلك. وهو محال. أو يقال : كل ما ارتفعت الشمس جزءا ، ينتقص من الظل أقل من جزء. وذلك يوجب الانقسام.
الحجة السابعة لهم : اذا استدار الفلك استدارة منطقية استدارات جميع الدوائر الموازية لتلك المنطقة.
اذا عرفت هذا فنقول : اذا تحركت المنطقة جزءا ، فالدائرة الصغيرة القريبة من القطب الموازية للمنطقة ، ان تحركت أيضا جزءا ، لزم أن يكون مدار تلك الدائرة الصغيرة مساويا لمقدار المنطقة. هذا خلف. وان لم تتحرك البتة ، فحينئذ يلزم وقوع التفكك فى أجزاء الفلك. وذلك باطل. أما الأول : فلأن الدلائل الفلسفية قائمة على أن أجرام الفلك لا تقبل الانخراق والتفكيك. وأما ثانيا : فلأن القرآن وصفها بكونها سبعا شدادا. وذلك ينافى وقوع التفكيك فيها. فلم يبق الا أن يقال : مهما تحركت المنطقة جزءا ، تحركت تلك الدائرة الصغيرة أقل من جزء وهو المطلوب. وهذا الكلام قد يفرضونه فى حركة الرحى. ويلزمون عليه : تفكك أجزاء الرحى. والمتكلمون يلتزمونه. ويقولون : إنه سبحانه وتعالى فاعل مختار ، فهو يفكك أجزاء الرحى حال استدارتها ، ثم يعيد التأليف والتركيب إليها حال وقوفها.