قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

الأربعين في أصول الدين [ ج ٢ ]

الأربعين في أصول الدين [ ج ٢ ]

134/342
*

الصادر عنه الى الصنم ، وانما قصد تقريره لنفسه على أسلوب تعريضى به. وهذا كما لو قال صاحبك ـ وقد كنت كتبت كتابا بخط حسن ، وأنت مشهور بحسن الخط ـ أنت كتبت هذا وصاحبك أمى لا يحسن الخط ، ولا يقدر الا على حروف خربشة فاسدة. فقلت له : بل كتبته أنت. وكان قصدك بهذا الجواب : تقريره لك مع الاستهزاء به ، لا نفيه عنك واثباته للأمى ، لأن اثباته والأمر دائر بينهما للعجز ، استهزاء به واثبات للقادر.

وثانيها : ان ابراهيم عليه‌السلام غاظته تلك الأصنام ، حين أبصرها مزينة. وكان غيظه من كبيرها أشد ، لما رأى من زيادة تعظيمهم له ، فأسند الفعل إليه ، لأنه هو السبب فى استهانته بها ، وحطمه لها. والفعل كما يسند الى المباشر ، فقد يسند الى السبب الحامل عليه.

وثالثها : يجوز أن يكون فيه وقف عند قوله : (بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ) [الأنبياء ٦٣] ثم يبتدئ فيقول : (فَسْئَلُوهُمْ) والمعنى : بل (فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ) وعنى به نفسه. لأن الانسان أكبر من كل صنم.

الشبهة الثالثة : قوله تعالى : (فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ. فَقالَ : إِنِّي سَقِيمٌ) [الصافات ٨٨ ـ ٨٩] والتمسك بها من وجهين :

الأول : ان النظر فى علم النجوم حرام.

الثانى : ان قوله (إِنِّي سَقِيمٌ) : كذب.

والجواب عن الأول : لا نسلم أن النظر فى علم النجوم حرام مطلقا ، بل من نظر فيها ليستدل بها على توحيد الله تعالى ، كان ذلك أعظم الطاعات. ولهذا السبب استحق ابراهيم عليه‌السلام المدح بالنظر فى النجوم. وهو قوله : (فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً) [الأنعام ٧٦].