فوق رءوسهم». ثم ان القوم يشاهدون أنهم كلما آمنوا به تباعد الجبل عنهم ، وكلما هموا بتكذيبه ، قرب أن يسقط عليهم ، فعند هذا يعلم كل أحد بالضرورة : أن المقصود من هذا الاظلال تصديق المدعى فى ادعاء الرسالة.
قوله خامسا : «اذا كان الكفر والفسق بخلق الله تعالى ، فحينئذ بطل الاستدلال بالمعجز على التصديق» قلنا : الجواب عنه من وجهين :
الأول : ان هذا السؤال كما أنه لازم علينا ، فهو أيضا لازم على «المعتزلة» وذلك لأنه انما يقبح من الله اظهار هذه المعجزة على يد الكاذب ، اذا كان الغرض من خلق المعجزة ، تصديق المدعى. وأما بتقدير أن يكون الغرض منه شيئا آخر ، سوى التصديق ، لم يقبح ذلك. ولما ثبت أنه لا يبعد أن يكون لله تعالى أغراض أخر من هذا المعجز سوى التصديق ، يلزمهم أن يحكموا بأنه لا يقبح اظهاره على يد الكاذب.
لا يقال : اظهار المعجزة على وفق دعوى الكاذب قبيح مطلقا ، لأنه ان كان الغرض من خلقه هو التصديق ، فلا شك فى قبحه. وان كان الغرض منه شيئا آخر سوى التصديق ، لكنه خلقه مقارنا لدعوى الكاذب ، يوهم أن الغرض منه : تصديقه. ففعل ما يوهم تصديق الكاذب قبيح أيضا.
لأنا نقول : ان كان ما يوهم القبيح قبيحا ، وجب أن يكون انزال المتشابهات وخلق ما يوهم الشبهات قبيحا. وبالاتفاق أنه واقع وليس بقبيح. فعلمنا : أنه انما لم يقبح لأنه وان كان موهما للباطل ، الا أن فيه احتمال أن مراد الله تعالى منه غير ما يشعر به ظاهره ، فلو قطع المكلف بحكمه على ذلك توجه الباطل ، مع أنه فى نفسه محتمل لغير