والثاني
: علم ما غاب عن ماض
ومستقبل إلّا أن المستقبل لا يعلمه إلّا الله تعالى ومن أطلعه عليه من أنبيائه
وأما الماضي فقد يعلمه المخلوقون من وجهين إما من مخلوق معاين أو من خالق مخبر
فكانت الأخبار المستقبلة من آيات الله تعالى المعجزة فأما الماضية فإن علم بها غير
المخبر لم تكن معجزة وإن لم يعلم بها أحد كانت آية معجزة. وفي قوله : (وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ) تأويلان :
أحدهما
: أنه لا يقدر على
ما يعجز عنه العباد وإن قدرت عليه الملائكة.
والثاني
: أنه من البشر وليس
بمهلك لينفي عن نفسه غلو النصارى في المسيح.
وفي نفيه أن يكون
ملكا تأويلان :
أحدهما
: أنه دفع عن نفسه
الملائكة تفضيلا لهم على الأنبياء.
والثاني
: أني لست ملكا في
السماء فأعلم غيب السماء الذي تشاهده الملائكة ويغيب عن البشر وإن كان الأنبياء
أفضل من الملائكة مع غيبهم عما يشاهده الملائكة.
وفي قوله : (إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَ) تأويلان :
أحدهما
: لن أخبركم إلّا
بما أطلعني الله عليه.
والثاني
: لن أفعل إلّا ما
أمرني الله به : (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي
الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ) فيه تأويلان :
أحدهما
: العالم والجاهل.
والثاني
: المؤمن والكافر
فثبت بما قررناه أن في الأقوال معجزة كالأفعال فكانت من أعلام النبوّة وآيات الرسل
ونحن نذكر منها ما اختص بقول الرسول دون ما تضمنه القرآن معجز في الخبر وغير
الخبر.
__________________