ولو كنتَ فظّاً غليظ القلب لانفضّوا من حولكَ فاعفُ عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمتَ فتوكّلْ على الله إنّ الله يُحبّ المتوكِّلينَ) (١).
الخطاب في هذه الآية المباركة موجّهٌ إلى النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ، أي : إنّ لينك لهم ممّا يوجب دخولهم في الدين ، ولو كنت جافياً وسيّء الخلق وقاسي الفؤاد وغير رحيم لتفرّق أصحابك عنك واعفُ عنهم ما بينك وبينهم ، ثمّ أمره بالمشاورة معهم ; فإن قلت : فما هي فائدة هذه المشورة؟
قلت :
فائدة المشورة ـ كما قيل ـ هي :
(١) أن تقتدي الأُمّة به في المشاورة ; حتّى تكون أُمورهم شورى بينهم.
(٢) تطييب نفوسهم ، وتآلف قلوبهم ، وترفيع شأنهم.
(٣) اختبار لمعرفة الناصح من الغاش.
(٤) أنّ المشاورة تكون في الأُمور الدنيوية ، ومكائد الحرب ، ولقاء العدو ; وفي مثل هذه الأُمور يجوز أن يستعين بآرائهم.
وإذا عقدت قلبك على الفعل وإمضائه فاعتمد على الله ، وثق به ، وفوّض أمرك إليه.
وفي الآية دلالة على تخصيص النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بمكارم الأخلاق ومحاسن الأفعال ..
____________
(١) سورة آل عمران ٣ : ١٥٩.