ولكن من بعض قصاصات فتوح البلدان للبلاذري ، وأُخرى من كتاب أخبار أصبهان (١) للحافظ الأصبهاني (ت ٠٣٤ هـ) ، وثالثة من كتاب الكامل (٢) لابن الأثير ، وغيرها من المصادر ، ومن مجموع كلّ تلك القصاصات يقف الباحث على صـدق الحقيقة عند ابن أعثم الكوفي في كتابه الفتوح ، وأنّ كلّ ما ذكره له جذور في ما كتبوه ، واعترفوا ببعض خيوط الحدث.
فعلى الأُمّة الاِسلامية السلام إن كان باحثوها ينساقون وراء ظاهر ماكتبه هؤلاء المؤرّخون ممّن كانت له نزعات أُموية أو عبّاسية أو سقيفية ؛ إذ لا تجري على لسانه ولا على قلمه أي حقيقة تاريخية تتّصل بعليّ بن أبيطالب عليه السلام ، ولا يقرّ بحقيقة ما كان عليه الشيخان من تشتّت الأمر في التدبير ، إلاّ ما تداركه عليّ عليه السلام بالمشورة عليهما ، واشتداد الفتن بسبب استخلاف أبي بكر ، ونشوب الظواهر المنتكسة عن هدي الدين الحنيف ، التي زُرعت في المسلمين ثمّ تورّمت وانفجرت في عهد عثمان ، فجاء عليّ عليه السلام إلى سـدّة الحكم والقيح والقروح منتشرة في جسم الأُمّة.
الملاحم التي أنبأ عليه السلام بها ودورها في الفتوح :
وذكر ابن أعثم في الفتوح : إنّ أبا موسى أراد التقدّم إلى بلاد خراسان بعد فتح المسلمين بلدان فارس وكرمان ، فنهاه عمر عن ذلك وقال : ما لنا ولخراسان وما لخراسان ولنا ، ولوددت أنّ بيننا وبين خراسان جبالاً من حديد وبحاراً وألف سـدّ ، كلّ سـدّ مثل سـدّ يأجوج ومأجوج.
____________
(١) أخبار أصبهان ١ / ١٩ ـ ٢٠.
(٢) الكامل في التاريخ ـ لابن الأثير ـ ٣ / ٨.