ما أرّخـوه بأقلامهم بما كتبه ابن أعـثم الكوفي (ت ٣١٤ هـ) في الفتوح ، وإن كانت هناك قصاصات كثيرة متناثرة تسرّبت في ما كتبوه رغم ما مارسوه من حـذف وتعتيم ..
ففي وقعة نهاوند ـ مثلاً ـ ترى الطبري يحذف مقدّمة أحداث المعركة بجملتها ، واقتصر على خصوص إجمال المعركة من دون تفصيل هَوْلها وشدّة العناء الذي لاقاه المسلمون ، حتّى كادوا أن ينهزموا في كلّ وقعات المعركة حتّى جاء الظفر ، وما عرض على الخليفة عمر من أحوال وغير ذلك ممّا مرّ ، كما لم يذكر اسم من أشار عليه بالمكث ، كما هي عادته في موارد عديدة يتابعها الباحث ، ومشورة عليّ عليه السلام على أبي بكر وعمر ؛ فإنّه لا يأتي بالاسم ولا ينوّه بالقائل ، بل قد لا يتعرّض لحصول المشورة ويسند الرأي إلى أبي بكر وعمر ، كما أنّه لم يذكر ما جرى من مقالات بين أبي بكر ورؤوساء القبائل المتمرّدة على استخلافه ، كلّ ذلك لتغطية الحقائق وحقيقة الأُمور في الأحداث.
وأمّا البلاذري فقد ذكر مسلسل الأحداث في ما يخص معركة نهاوند موجزاً (١) ، ناسباً ذلك كلّه إلى عمر دون أن يفصح بالمشير على عمر ولاحال اضطراب عمر ، مع أنّه يصرّح بوجود الروايات المفصّلة للأحداث (٢) ، ولكنّه لم يأت بمتنها بل بشيء من ألفاط صدرها وذيلها باقتضاب شديد ، مع أنّه روى أنّ الفتح فيها هو : فتح الفتوح ، ورغم ذلك فهو يوجز الحديث عنها ويعرض عن ذكر ما ورد من روايات بشأنها ..
____________
(١) فتوح البلدان ٢ / ٣٧١.
(٢) فتوح البلدان ٢ / ٣٧٣.