رسول الله صلى الله عليه وآله ـ ... فتعالوا بنا حتّى ننفي مَن بقربنا من جيوش العرب ، ثمّ إنّا نسير إليهم في ديارهم فنستأصلهم عن جديد الأرض ...
فبلغ الخبر المسلمين فكتبوا بذلك إلى عمر ، وأنّ الفرس قد قصدوهم ثمّ يأتون بعدها إلى المدينة ، وهم جمع عتيد ، وبأس شديد ، ودوابّ فره ، وسلاح شاك ، وقد هالهم ذلك وما أتاهم من أمرهم وخبرهم.
قال ـ الراوي الذي يروي عـنه ابن أعـثم ـ : فلمّا ورد الكتاب على عمر بن الخطّاب وقرأه وفهم ما فيه وقعت عليه الرعدة والنفضة حتّى سمع المسلمون أطيط أضراسـه ، ثمّ قام عن موضعه حتّى دخل المسجد وجعل ينادي : أين المهاجرون والأنصار؟ ألا فاجتمعوا رحمكم الله ، وأعينوني أعانكم الله.
قال : فأقبل إليه الناس من كلّ جانب حتّى إذا علم أنّ الناس قد اجتمعوا وتكاملوا في المسجد وثب إلى منبر رسول الله صلى الله عليه وآله فاستوى عليه قائماً وإنّه ليرعد من شـدّة غضبه على الفرس ، فحمـد الله عزّ وجلّ وأثنى عليه ، وصـلّى على نبيّـه محمّـد صلى الله عليه وآله ، ثـمّ قال : أيّها الناس! هذا يوم غمّ وحزن ، فاستمعوا ما ورد إليّ من العراق ـ ثمّ قرأ عليهم ما وصله من الكتاب ـ وقال : وليست لهم ـ أي الفرس ـ همّة إلاّ المدائن والكوفة ، ولئن وصـلوا إلى ذلك فإنّها بليّة على الاِسـلام وثلمة لا تُسدّ أبداً ، وهذا يومله ما بعده من الأيام ، فالله الله يا معشر المسلمين! أشيروا علَيّ رحمكمالله ...
فقام طلحة والزبير وأشاروا عليه أن يعمل برأيه وما يراه ، وقام عبـدالرحمن بن عوف وأشار عليه بأن يخرج بنفسه ويخرجوا معه ، وقام عثمان بن عفّان وأشار عليه بما أشار ابن عوف ، وأن يأتيه أهل الشام من