نظير ما قصّه الله تعالى من دور النبيّ يوسف عليه السلام في ملك عزيز مصر : (وكذلك مكّنّا ليوسُفَ في الأرض ولنُعلّمَهُ من تأويل الأحاديث والله غالبٌ على أمره ولكنّ أكثر الناس لا يعلمون) (١) ؛ فإنّ التدبير الحسن منه كان ليوسف وإن كان يُنسب لملك مصر ، ولولا يوسف لتشتّت الأمر على ملك مصر عندما عصفت السنين بهم.
وفي هذه الحقبة والفترة تجلّى خلوص عليّ عليه السلام في تشييد الدين ؛ فأين تجد مَن غُصب حقّه ، وزُحزح عن مقامه ، وتقمّص مكانه مَن ليس بأهل له ، ومع ذلك يقوم بحفظ الدين ونشره ، مع علمه بأنّ هذا الدور أيضاً هو الآخر سوف يبتزّه الغاصبون وينسبونه لأنفسهم؟!
وممّا يشير إلى تدبير النبيّ صلى الله عليه وآله في الفتوحات ما ذكره ابن أعثم (٢) في الفتوح ؛ إذ أورد رسالة عمر إلى معاوية ، التي تضمّنت عهده صلى الله عليه وآله للمسلمين بتفاصيل برامج فتوح البلدان ، حتّى أسماء المدن ، والمهمّ منها في حصول الظفر والنصر.
دوره عليه السلام في وقعة الجسر :
في وقعة «الجسر» ـ وهي أوّل وقعة للمسلمين مع جيوش كسرى ـ اضطرب تدبـير الحرب والمسلمين بشـدّة حتّى كاد يفلت الأمر ، فأغاث عليّ عليه السلام عمر بالمشورة المفصّلة ، وأمره بأن لا يصير إلى العدو : «فإنّك إن صرت إلى العراق وكان مع القوم حرب واختلط الناس لم تأمن أن يكون عدوّ من الأعداء يرفع صوته ويقول : قتل أمير المؤمنين! فيضطرب أمر
____________
(١) سورة يوسف ١٢ : ٢١.
(٢) كتاب الفتوح ١ / ٢٦٢.