موسى عليه السلام بعدما ضلّ كثير من بني إسرائيل عن الهدى إلى عبادة العجل واتّباع السامري ..
ففي الوقت الذي راعى فيه هارون وحدة بني إسرائيل وحافظ عليها ، إلاّ أنّه لم يتّبع ضلال أكثرية بني إسرائيل والسامري في عبادة العجل لتحقيق الوحدة ، بل قال لهم : (يا قومِ إنّما فُتِنْتُم به وإنّ ربَّكُمُ الرحمنُ فاتّبِعوني وأطيعوا أمْري) (١) ؛ فقام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ..
وكان الأُسلوب الذي اتّخـذه لا بنحو يؤدّي إلى فُرقة بني إسرائيل ولا بنحو ذوبانه هو في الانحراف وترك طريق الإصلاح ، لا سيّما وأنّه لم تكن لديه القدرة على الالتجاء إلى القوّة في الإصلاح ، كما قال : (ابنَ أُمَّ إنّ القومَ اسْتضْعَفوني وكادوا يقْتُلونَني) (٢) وهو يدلّ على مدى رفض هارون عليه السلام للانحراف الحاصل لدى بني إسرائيل ومقاومته السلمية الثابتة لهم بلا مهادنة حتّى كادوا أن يقتلوه.
والذي قام به هارون عليه السلام هو الذي أوصاه به موسى عليه السلام : (وقال موسى لأخيه هارونَ اخْلُفْني في قَوْمي وأصْلِحْ ولا تتّبِعْ سبيلَ المفسدين) (٣) ، فأمره بالإصلاح ونهاه عن اتّباع سبيل المفسدين ، ومن ثمّ لمّا رجع موسى إلى قومه وقال : (يا هارونُ ما مَنعكَ إذ رأيْتَهم ضلّوا * ألاّ تتّبِعنِ أفَعَصَيْتَ أمْري * قال يَبْنَؤُمَّ ...) (٤).
وكانت مساءلة موسى عليه السلام عن عدم اتّباع هارون عليه السلام له ، أي عن
____________
(١) سورة طه ٢٠ : ٩٠.
(٢) سورة الأعراف ٧ : ١٥٠.
(٣) سورة الأعراف ٧ : ١٤٢.
(٤) سورة طه ٢٠ : ٩٢ ـ ٩٤.