مشيئة الله وإرادته ، كما هو الحال في حكومة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، التي يستعرض سيرتها القرآن الكريم في السور المدنية ..
فإنّ المشاهد في الآيات أنّه عند المنعطفات الحادّة الصعبة سياسياً ، أو عسكرياً من الحرب أو السلم ، أو قضائياً أو مالياً يكون التدبير الجزئي والحكم صادر منه تعالى ، فالحاكم السياسي الأوّل في حكومة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم هو الله تعالى ، وحاكميّته تعالى لا تقتصر على التشريعات الكلية فحسب ، كما هو المزعوم في معتقد المذاهب الإسلامية الأُخرى ، وكما هو الحال في الديانة المسيحية واليهودية : (وقالت اليهودُ يدُ الله مغلولةٌ غُلّتْ أيديهِم ولُعنوا بما قالوا بل يداهُ مبسوطتانِ يُنفقُ كيفَ يشاء) (١) ، بل تشمل جميع نواحي الحياة ..
ولن تجد ـ إذا فتّشت ـ عقيدة تتبنّى حاكمية الله تعالى السياسية والعسكرية و ... وباقي نواحي الحياة فضلاً عن حاكميّته في مجال التشريع غير عقيدة الإمامة الإلهية ؛ وهذا معنى أنّ الإمامة والولاية باب من أبواب التوحيد ومن أبواب ربوبية الله تعالى وحده في النظام الاجتماعي السياسي.
النبيّ هارون عليه السلام ونموذج الوحدة :
وقوله تعالى حكاية عن هارون بعد عبادة بني إسرائيل العجل : (قال يا بنَ أُمَّ لا تأخذْ بلحيتي ولا برأسي إنّي خشِيتُ أن تقولَ فرّقْتَ بين بني إسرائيلَ ولم ترقُبْ قَوْلي) (٢) ..
ملحمة قرآنية يسطرها لنا القرآن الكريم تبياناً لموقف هارون وصيّ
____________
(١) سورة المائدة ٥ : ٦٤.
(٢) سورة طه ٢٠ : ٩٤.