وأحلاس العقوق ، اتّخذهم إبليس مطايا ضلال وجنداً بهم يصول على الناس ، وتراجمة ينطق على ألسنتهم ، استراقاً لعقولكم ، ودخولاً في عيونـكم ، ونفثاً في أسماعـكم ، فجعلـكم مرمى نبله ، وموطئ قدمه ، ومأخذ يده» ..
ثمّ بيّن عليه السلام في آخر الخطبة خصائصه الموجبة لوصايته بعد النبوّة.
فبيّن عليه السلام أنّ الخضوع لآدم وطاعته وولايته بأمر من الله تعالى هي تواضع لله ، ونفي للكبر ، أي نفي المخلوق استقلاليّته أمام استقلالية الذات الأزلية ؛ فولاية خليفة الله توحيد لله تعالى في آخر المعاقل التي يطرد منها الكفر ويقام فيها التوحيد ، وذلك المعقل هو ذات الإنسان نفسه ، فهدم كبر الأنانية وإقامة فقر العبد لله بتولّي الإمام المنصوب من قبل الله ، إقامة للتوحيد في صقع الذات الإنسانية ، وإن إبليس قد فشل في هذا الامتحان للتوحيد ، فلم تنفعه دعواه التوحيد في سائر المقامات ، هذا في المقطع الأوّل.
وأمّا المقطع الثاني فهو عليه السلام يبيّن فيه أنّ مَن تقحّموا الخلافة من قبله قد ردّوا على الله تعالى أمره ، وقبّحوا نصبه تعالى وجعله عليّاً عليه السلام خليفةً ووصيّاً ؛ فنهجوا نهج إبليس في الاستكبار ، وأنّهم قواعد أساس العصبية ودعائم أركان الفتنة ، وهذا الحكم منه عليه السلام أشدّ ممّا ورد في الخطبة الشقشقية وأصرح في بيان حالهم ..
ثمّ إنّه عليه السلام بيّن أنّ الإفساد في الأرض هو لكون الناس أحزاباً متفرّقين غير مجتمعين على وحدة الطاعة والولاية لخليفة الله في الأرض ، وهذا التفرّق عن الطاعة والولاية يعني مناصبة العداء لله تعالى ، وبالتالي فلا يقبل تعالى على البشر بالبركات والنعم ، مضافاً إلى تأدية الخلاف إلى