الكتاب أو القرآن ـ آياتٌ بيناتٌ في صدور الّذين أُوتوا العلمَ وما يجحدَ بآياتنا إلاّ الظالمون) (١) ومثله قوله تعالى في سورة الرعد : (قل كفى بالله شهيداً بيني وبينَكم ومَن عندَهُ علمُ الكتاب) (٢) وغيرها من آيات الثقلين وأنّهما مقترنان معاً لا يفترقان.
والحاصل أنّ آية الاعتصام تنبّأ بملحمة مهمّة ، وهي : أنّ ضعف وذلّ هذه الأُمّة لفرقتها لا يزول بغير الاعتصام بحبل الله ، وهما الثقلان : الكتاب والعترة ، وبذلك تتحقّق الوحدة ..
وقد أشارت الصدّيقة الزهراء عليها السلام بنت المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم إلى هذه الملحمة القرآنية في خطبتها : «فجعل الإيمان تطهيراً لكم من الشرك ... وطاعتنا نظاماً للملّة وإمامتنا أماناً من الفرقة» (٣).
والمرتضى عليه السلام وصيّ المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم في خطبته القاصعة ـ وهي من أعظم خطبه صلوات الله عليه ؛ إذ يصف فيها ولاية أهل البيت عليهم السلام أنّها توحيد لله تعالى في الطاعة ـ يقول : «فانظروا إلى مواقع نعم الله عليهم حين بعث إليهم رسولاً ؛ فعقد بملّته طاعتهم ، وجمع على دعوته أُلْفتهم ، كيف نشرت النعمة عليهم جناح كرامتها ، وأسالت لهم جداول نعيمها ...
وتعطفت الأُمور عليهم في ذرى ملك ثابت ، فهم حكّام على العالمين وملوك في أطراف الأرضين ، يملكون الأُمور على من يملكها عليهم ، ويمضون الأحكام في من كان يمضيها فيهم ...
ألا وإنّكم قد نفضتم أيديكم من حبل الطاعة ، وثلمتم حصن الله
____________
(١) سورة العنكبوت ٢٩ : ٤٩.
(٢) سورة الرعد ١٣ : ٤٣.
(٣) الاحتجاج ـ للطبرسي ـ ١ / ٢٥٨ ضمن ح ٤٩ ، كشف الغُمّة ـ للأربلي ـ ١ / ٤٨٣.