قال : لا تقل أنا مع الناس وأنا كواحد من الناس ؛ إنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : يا أيّها الناس! إنّما هما نجدان : نجد الخير ، ونجد الشرّ ، فلا يكن نجد الشرّ أحبّ إليكم من نجد الخير» (١) ..
والإمّعة : الذي لا رأي له ، فهو يتابع كلّ أحد على رأيه ، والذي يقول لكلّ أحد : أنا معك ، أنا مع الناس.
وروى الصدوق بسنده عن أبي عبد الله عليه السلام أنّه قال لرجل من أصحابه : «لا تكون إمّعة ، تقول : أنا مع الناس ، وأنا كواحد من الناس» (٢).
وهذه الأحاديث أيضاً في مقام تخطئة التأثّر من رأي الأكثرية بسبب الأكثرية ، والحثّ على التمسّك بما هو مقتضى البديهة الفطرية والضرورة الدينية ، وهناك توصيات عديدة في القرآن والسُنّة على طريقة التفكير والاعتقاد كمنهج منطقي ديني لا يسع المقام ذكرها.
ثمّ إنّ آية الاعتصام بحبل الله تعالى تتضمّن نبوءة بملحمة قرآنية مهمّة ، وهي : أنّ وحدة الأُمّة الإسلامية لا ولن تتمّ إلاّ بالتمسّك جميعاً بحبل الله ، فلا تأمل هذه الأُمّة يوماً ما في الخلاص من ذلّ الفُرقة والتشتّت والضعف أمام الأعداء بدون التمسّك بحبل الله ..
والرغبة في الوحدة بأن تكون على محور الاعتصام بحبل الله كي لايقعوا في الفُرقة ؛ فحبل الله هو العاصم من الفُرقة ، وبدونه سوف تكون الرغبة في الوحدة حلماً وشعاراً أجوف ومجرّد تشدّق باللسان.
وحبل الله الذي يدعو إليه القرآن الكريم هو : الثقلان ؛ لأنّه حبل طرف
____________
(١) مستطرفات السرائر (ضمن السرائر) ٣ / ٥٩٥ ، الاختصاص : ٣٤٣ ، الأمالي ـ للشيخ المفيد ـ : ٢١٠ ح ٤٧ ، بحار الأنوار ٢١ / ٦٢.
(٢) معاني الأخبار : ٢٢٦ ح ١ ، بحار الأنوار ٢ / ٢٦.