لله بل أكثَرُهُم لا يعقلون) (١) ..
يا هشام! ثمّ مدح القلّة فقال : (وقليلٌ من عبادي الشكور) (٢) ، وقال : (وقليلٌ ما هم) (٣) ، وقال : (وقال رجلٌ مؤمنٌ من آل فرعونَ يكتُمُ إيمانَهُ أتقتلونَ رجلاً أن يقولَ ربّيَ الله) (٤) ، وقال : (ومَن آمنَ وما آمنَ معهُ إلاّ قليل) (٥) ، وقال : (ولكنّ أكثَرَهُم لا يعلمون) (٦) ، وقال : (وأكثَرُهُم لا يعقلون) (٧) ، وقال : (أكثَرَهُم لا يشكرون) (٨)» .. الحديث (٩).
ولا يخفى أنّ الروايات في صدد بيان ضوابط وموازين البصيرة الحقّة وتمييزها عن الباطل ، لا في مقام ترك المسؤولية تجاه الأكثرية والقيام بواجب هدايتهم وإرشادهم ، والعناية بأُمورهم بالإصلاح وتقويم العوج وإزالة الفساد ، بل هي في مقام بيان أنّ الاعتداد بشأن موازين منطق التفكير التي هي موازين العلم والعقل والفطرة والسُـنّة غير المحرّفة لا يكون بالمنطق الأكثري بل بالقيم والمبادئ التي تتضمّن هذه الموازين.
روى في مستطرفات السرائر بسنده عن أبي الحسن موسى عليه السلام ، قال : «قال لي : أبلغ خيراً وقل خيراً ولا تكوننّ إمّعَة. قلت : وما الإمّعة؟
____________
(١) سورة العنكبوت ٢٩ : ٦٣.
(٢) سورة سبأ ٣٤ : ١٣.
(٣) سورة ص ٣٨ : ٢٤.
(٤) سورة غافر ٤٠ : ٢٨.
(٥) سورة هود ١١ : ٤٠.
(٦) سورة الأنعام ٦ : ٣٧ ؛ وتكرّرت هذه الآية في سور عديدة أُخرى.
(٧) سورة المائدة ٥ : ١٠٣.
(٨) سورة يونس ١٠ : ٦٠ ، سورة النمل ٢٧ : ٧٣.
(٩) الكافي ١ / ١٢ ضمن ح ١٢.