ولو أراد مجرّد بيان فضله ، والردّ على المتحاملين عليه ، لقال : هذا ابن عمي ، وصهري ، وأبو ولدي ، وسيّد أهل بيتي ، فلا تؤذوني فيه ، أو نحو ذلك من الأقوال الدالّة على مجرّد الفضل وجلالة القدر ..
على أن لفظ الحديث (١) لا يتبادر إلى الأذهان منه إلاّ ما قلناه ، فليكن سببه مهما كان ، فإنّ الألفاظ إنّما تُحمل على ما يُتبادر إلى الأفهام منها ، ولايلتفت إلى أسبابها ، كما لا يخفى.
وأمّا ذكر أهل بيته في حديث الغدير ، فإنّه من مؤيّدات المعنى الذي قلناه ، حيث قرنهم بمحكم الكتاب وجعلهم قدوة لأُولي الألباب ؛ فقال : إنّي تارك فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا : كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي. وإنّما فعل ذلك لتعلم الأُمّة أن لا مرجع بعد نبيّها إلاّ إليهما ، ولا معوّل لها من بعده إلاّ عليهما ..
وحسبك في وجوب اتّباع الأئمّة من العترة الطاهرة اقترانهم بكتاب الله عزّ وجلّ الذي (لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه) (٢) ، فكما لا يجوز الرجوع إلى كتاب يخالف في حكمه كتاب الله سبحانه وتعالى ، لا يجوز الرجوع إلى إمام يخالف في حكمه أئمّة العترة.
وقوله صلّى الله عليه وآله وسلّم : إنّهما لن ينقضيا ، أو : لن يفترقا ، حتّى يردا عليّ الحوض ، دليل على أنّ الأرض لن تخلو بعده من إمام منهم هو عدل الكتاب ، ومَن تدبّر الحديث وجده يرمي إلى حصر الخلافة في أئمّة العترة الطاهرة.
____________
(١) ولا سيّما بسبب ما أشرنا إليه من القرائن العقلية والنقلية.
(٢) سورة فصلّت ٤١ : ٤٢.