واحد من لفظه ، وبين ما كان له واحد ، كرَكْب وسَفْر ، ممّا قام الدليل على أنّه ليس جمع تكسير لمفرده ، إلاّ أنّ أبا الحسن الأخفش المتوفّى أوائل القرن الرابع (١) ، ذهب إلى أنّ نحو : ركب وسفر جمع «تكسير ، فإذا صُـغِّر على مذهبه رُدَّ إلى الواحد وصُـغِّر عليه ، ثمّ تلحقه الواو والنون إن كان مذكّراً ، والألف والتاء إن كان مؤنّثاً ، فتقول في تصغير رَكْب : رُوَيكبون ، وفي سَفْر : مُسَيفرون ، ورُوَيْكبات ومُسَيْفرات» (٢).
وسيأتي استعراض أدلّة النحاة على بطلان مذهبه.
وقال الزمخشري (ت ٥٣٨ هـ) : «ويقع الاسم على الجميع لم يكسر عليه واحده ، وذلك نحو : رَكْب وسَفْر وأَدَم وعَمَد وحَلَق وخَدَم» (٣).
وتمثيله لاسم الجمع بنحو : ركب وسفر ، واضح في مخالفته لما ذهب إليه الأخفش ، وقد ساق ابن يعيش (ت ٦٤٣ هـ) في شرحه لعبارة الزمخشري أربعة أدلّة على بطلان مذهب الأخفش وهي :
[الأوّل] : «أنّ المسموع في تصغير رَكْب : رُكَيْب ، قال الشاعر :
وأينَ رُكيبٌ واضعون رحالَهم |
|
إلى أهلِ نارٍ من أُناسٍ بأَسودا |
... وهذا نصٌّ في محلِّ النزاع ؛ إذ لو كان جمعاً مكسّراً لرُدَّ إلى الواحد ، فأمّا قول أبي الحسن : (رُوَيكبون) ، فهو شيء يقوله على مقتضى قياس مذهبه ، والمسموع غيره.
الثاني : إنّ الجمع المكسّر مؤنّث ، وهذه الأسماء مذكّرة ، تقول : هو
____________
(١) تاريخ وفاته مردّد بين الأعوام ٢١٠ ، ٢١٥ ، ٢٢١ هـ. (المزهر ـ للسيوطي ـ ٢ / ٤٦٣).
(٢) شرح المفصّل ، ابن يعيش ٥ / ٧٧.
(٣) المفصّل في علم العربية ، جار الله الزمخشري : ١٩٧.