(وما ينطق عن الهوى * إن هو إلاّ وحي يوحى * علّمه شديد القوى) (١) ..
فلو سألكم فلاسفة الأغيار عمّا كان منه يوم غدير خمّ فقال : لماذا منع تلك الألوف المؤلّفة يومئذ عن المسير ، وعلى مَ حبسهم في تلك الرمضاء بهجـير ، وفيمَ اهـتمّ بإرجاع مَـن تقـدّم منهم وإلحاق من تأخّر ، ولم أنزلهم جـميعاً في ذلك العراء على غـير كلأ ولا ماء ، ثمّ خطبهم عن الله عـزّ وجـلّ في ذلك المكان الذي منه يتفرّقون ، ليبلّغ الشاهد منهم الغائب؟!
وما المقتضي لنعي نفسه إليهم في مستهلّ خطابه ؛ إذ قال : يوشك أن يأتيني رسول ربّي فأُجيب ، وإنّي مسؤول ، وإنّكم مسؤولون؟!
وأيّ أمر يُسأل النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم عن تبليغه وتُسأل الأُمّة عن طاعتها فيه؟!
ولماذا سألهم فقال : ألستم تشهدون أن لا إله إلاّ الله ، وأنّ محمّداً عبده ورسوله ، وأنّ جنّته حقّ ، وأنّ ناره حقّ ، وأنّ الموت حقّ ، وأنّ البعث حقّ بعد الموت ، وأنّ الساعة آتية لا ريب فيها ، وأنّ الله يبعث مَن في القبور ، قالوا : بلى نشهد بذلك؟!
ولماذا أخذ حينئذ على سبيل الفور بيد عليّ فرفعها إليه حتّى بان بياض إبطيه فقال : يا أيّها الناس! إنّ الله مولاي ، وأنا مولى المؤمنين؟!
ولماذا فسّر كلمته ـ وأنا مولى المؤمنين ـ بقوله : وأنا أوْلى بهم من أنفسهم؟!
____________
(١) سورة النجم ٥٣ : ٣ ـ ٥.