الغدير عليه ..
هذا دأب الشيعة في كلّ عام ، وقد استمرّ خطباؤهم على الإشادة في كلّ عصر ومصر بحديث الغدير مسنداً ومرسلاً ، وجرت عادة شعرائهم على نظمه في مدائحهم قديماً (١) وحديثاً ..
فلا سبيل إلى التشكيك في تواتره من طريق أهل البيت وشيعتهم ؛ فإنّ دواعيهم لحفظه بعين لفظه ، وعنايتهم بضبطه وحراسته ونشره وإذاعته ، بلغت أقصى الغايات ، وحسبك ما تراه في مظّانه من الكتب الأربعة وغيرها من مسانيد الشيعة المشتملة على أسانيده الجمّة المرفوعة ، وطرقه المعنعنة المتّصلة ، ومن ألمّ بها تجلّى له تواتر هذا الحديث من طرقهم القيّمة.
٨ ـ بل لا ريب في تواتره من طريق أهل السُنّة بحكم النواميس الطبيعية ، كما سمعت ، (لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيّم ولكنّ أكثر الناس لا يعلمون) (٢) ..
وصاحب الفتاوى الحامدية ـ على تعنّته ـ يصرّح بتواتر الحديث في رسالته المختصرة الموسومة بـ : الصلوات الفاخرة في الأحاديث المتواترة.
____________
(١) قال الكميت بن زيد :
ويوم الدوح دوح غدير خمّ |
|
أبان له الولاية لو أطيعا .. الخ |
وقال أبو تمام من عبقريته الرائية ، وهي في ديوانه :
ويوم الغدير استوضح الحقّ أهله |
|
بفيحـاء ما فيها حجاب ولا سترُ |
أقام رسول الله يدعوهم بهـا |
|
ليقربهـم عرف وينآهم نكرُ |
يمـد بضبعيه ويعلم أنّـه |
|
ولـيّ ومولاكم فهـل لكم خبرُ؟ |
يـروح ويغدو بالبيان لمعشر |
|
يروح بهـم غمر ويغدو بهم غمرُ |
فكان له جهر بإثبات حقّه |
|
وكان لـهم في بزّهم حقّه جهرُ |
أثمّ جعلتم حظّه حدّ مرهف |
|
من البيض يوماً حظّ صاحبه القبرُ |
(٢) سورة الروم ٣٠ : ٣٠.