بسم الله الرّحمن الرّحيم
سورة الإخلاص
هذه السورة مكية ، قاله مجاهد بخلاف عنه وعطاء وقتادة ، وقال ابن عباس والقرظي وأبو العالية هي مدنية.
قوله عزوجل :
(قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ (١) اللهُ الصَّمَدُ (٢) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (٣) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ) (٤)
قرأ عمر بن الخطاب وابن مسعود والربيع بن خيثم : «قل هو الله أحد الواحد الصمد» ، وروى أبي بن كعب أن المشركين سألوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن نسب ربه تعالى عما يقول الجاهلون فنزلت هذه السورة ، وروى ابن عباس أن اليهود دخلوا على النبي صلىاللهعليهوسلم فقالوا : يا محمد صف لنا ربك وانسبه فإنه وصف نفسه في التوراة ونسبها ، فارتعد رسول الله صلىاللهعليهوسلم حتى خر مغشيا عليه ونزل عليه جبريل بهذه السورة ، وقال أبو العالية قال قتادة : الأحزاب لرسول الله صلىاللهعليهوسلم : انسب لنا ربك ، فأتاه الوحي بهذه السورة ، و (أَحَدٌ) معناه : فرد من جميع جهات الوحدانية ، ليس كمثله شيء ، وهو ابتداء و (اللهُ) ابتداء ثان و (أَحَدٌ) خبره ، والجملة خبر الأول ، وقيل : (هُوَ) ابتداء و (اللهُ) خبره و (أَحَدٌ) بدل منه ، وحذف أبو عمرو التنوين من (أَحَدٌ) لالتقاء الساكنين : «أحد الله» وأثبتها الباقون مكسورة للالتقاء ، وأما وفقهم كلهم فبسكون الدال ، وقد روي عن أبي عمرو : الوصل بسكون الدال ، وروي عنه أيضا تنوينها ، و (الصَّمَدُ) في كلام العرب السيد الذي يصمد إليه في الأمور ويستقل بها ، وأنشدوا : [الطويل]
ألا بكر الناعي بخير بني أسد |
|
بعمرو بن مسعود وبالسيد الصمد |
وبهذا تفسر هذه الآية لأن الله جلت قدرته هو موجود الموجودات ، وإليه تصمد به قوامها ، ولا غني بنفسه إلا هو تبارك وتعالى ، وقال كثير من المفسرين : (الصَّمَدُ) الذي لا جوف له ، كأنه بمعنى المصمت ، وقال الشعبي : هو الذي لا يأكل ولا يشرب ، وفي هذا التفسير كله نظر ، لأن الجسم في غاية البعد عن صفات الله تعالى. فما الذي تعطينا هذه العبارات ، و (اللهُ الصَّمَدُ) ابتداء وخبر ، وقيل : (الصَّمَدُ) نعت ، والخبر فيما بعد ، وقوله تعالى : (لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ) رد على إشارة الكفار في النسب