عكرمة «الحبك» بضم الحاء وفتح الباء جمع حبكة ، وهذه كلها لغات والمعنى ما ذكرناه. والفرس المحبوك الشديد الخلقة الذي له حبك في مواضع من منابت شعره ، وذلك دليل على حسن بنيته.
وقوله تعالى (إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ) ، يحتمل أن يكون خطابا لجميع الناس مؤمن وكافر ، أي اختلفتم بأن قال فريق منكم : آمنا بمحمد وكتابه ، وقال فريق آخر : كفرنا ، وهذا قول قتادة. ويحتمل أن يكون خطابا للكفرة فقط ، أي : أنتم في جنس من الأقوال مختلف في نفسه ، قوم منكم يقولون : ساحر ، وقوم : كاهن ، وقوم : شاعر ، وقوم : مجنون إلى غير ذلك ، وهذا قول ابن زيد والضمير في : (عَنْهُ) قال الحسن وقتادة : هو عائد على محمد أو كتابه وشرعه. و : (يُؤْفَكُ) معناه : يصرف ، فالمعنى : يصرف عن كتاب الله من صرف ممن غلبت شقاوته ، وكان قتادة يقول : المأفوك منا اليوم عن كتاب الله كثيرا ، ويحتمل أن يعود الضمير على القول ، أي : يصرف بسببه من أراد الإسلام ، بأن يقال له هو سحر ، هو كهانة ؛ وهذا حكاه الزهراوي. ويحتمل أن يعود الضمير في (عَنْهُ) على القول ، أي يصرف عنه بتوفيق الله إلى الإسلام من غلبت سعادته ، وهذا على أن يكون قوله : (إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ) للكفار فقط.
قال القاضي أبو محمد : وهذا وجه حسن لا يخلّ به ، إلا أن عرف الاستعمال في «أفك» ، إنما هو في الصرف من خير إلى شر ، وتأمل ذلك تجدها أبدا في المصروفين المذمومين ، وحكى أبو عمرو عن قتادة أنه قرأ «من أفك» بفتح الهمزة والفاء.
وقوله تعالى : (قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ) دعاء عليهم ، كما تقول : قاتلك الله وقتلك الله ، وعقرى حلقى ونحوه ، وقال بعض المفسرين معناه : لعن الخراصون ، وهذا تفسير لا تعطيه اللفظة. والخراص : المخمن القائل بظنه فتحته الكاهن والمرتاب وغيره ممن لا يقين له ، والإشارة إلى مكذبي محمد على كل جهة من طروقهم. والغمرة : ما يغشى الإنسان ويغطيه كغمرة الماء ، والمعنى في غمرة من الجهالة. و : (ساهُونَ) معناه عن أنهم (فِي غَمْرَةٍ) وعن غير ذلك من وجوه النظر.
وقوله تعالى : (يَسْئَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ) معناه : يقولون متى يوم الدين؟ على معنى التكذيب ، وجائز أن يقترن بذلك من بعضهم هزء وأن لا يقترن.
وقرأ السلمي والأعمش : «إيان» بكسر الهمزة وفتح الياء المخففة.
وقوله تعالى : (يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ) قال الزجاج : نصبوا (يَوْمَ) على الظرف من مقدر تقديره : هو كائن (يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ) ونحو هذا ، وقال الخليل وسيبويه : نصبه على البناء لما أضيف إلى غير متمكن. قال بعض النحاة : وهو في موضع رفع على البدل من (يَوْمُ الدِّينِ). و : (يُفْتَنُونَ) معناه : يحرقون ويعذبون في النار ، قاله ابن عباس ومجاهد وعكرمة والجميع ، ومنه قيل للحرة : فتين ، كأن الشمس أحرقت حجارتها.
ومنه قول كعب بن مالك :
معاطي تهوى إليها الحقو |
|
ق يحسبها من وراءها الفتينا |