يشبهها من الرجال والعدد ويتسع بهم ، وروي أكثر من هذا بكثير ولكن عدم صحته مع بعد شبهه أوجب اختصاره.
وقد قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «خير الجيوش أربعة آلاف» وما كان سليمان ليعدو الخير ، وقرأ ابن أبي عبلة «غدوتها شهر وروحتها شهر» وكان إذا أراد قوما لم يشعروا به حتى يظلمهم في جو السماء ، وقوله تعالى : (وَأَسَلْنا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ) ، روي عن ابن عباس وقتادة أنه كانت تسيل له باليمن عين جارية من نحاس يصنع له منها جميع ما أحب ، و (الْقِطْرِ) : النحاس ، وقالت فرقة (الْقِطْرِ) الفلز كله النحاس والحديد وما جرى مجراه ، كان يسيل له منه عيون ، وقالت فرقة بل معنى (أَسَلْنا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ) أذبنا له النحاس عن نحو ما كان الحديد يلين لداود ، قالوا وكانت الأعمال تتأتى منه لسليمان وهو بارد دون نار ، و (عَيْنَ) على هذا التأويل بمعنى الذات ، وقالوا لم يلن النحاس ولا ذاب لأحد قبله ، وقوله (مَنْ يَعْمَلُ) يحتمل أن (مِنَ) تكون في موضع نصب على الاتباع لما تقدم بإضمار فعل تقديره وسخرنا من الجن من يعمل ، ويحتمل أن تكون في موضع رفع على الابتداء والخبر في المجرور ، و (يَزِغْ) معناه يمل أي ينحرف عاصيا ، وقال (عَنْ أَمْرِنا) يقل عن إرادتنا لأنه لا يقع في العالم شيء يخالف الإرادة ، ويقع ما يخالف الأمر ، قال الضحاك وفي مصحف عبد الله «ومن يزغ عن أمرنا» بغير (مِنْهُمْ) ، وقوله تعالى : (مِنْ عَذابِ السَّعِيرِ) قيل عذاب الآخرة ، وقيل بل كان قد وكل بهم ملك وبيده سوط من نار السعير ، فمن عصى ضربه فأحرقه به.
قوله عزوجل :
(يَعْمَلُونَ لَهُ ما يَشاءُ مِنْ مَحارِيبَ وَتَماثِيلَ وَجِفانٍ كَالْجَوابِ وَقُدُورٍ راسِياتٍ اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ) (١٣)
«المحاريب» الأبنية العالية الشريفة ، قال قتادة القصور والمساجد ، وقال ابن زيد المساكن ، والمحراب أشرف موضع في البيت ، والمحراب موضع العبادة أشرف ما يكون منه ، وغلب عرف الاستعمال في موضع وقوف الإمام لشرفه ومن هذه اللفظة قول عدي بن زيد : [الخفيف]
كدمى العاج في المحاريب أو كال |
|
بيض في الروض زهره مستنير |
«والتماثيل» قيل كانت من زجاج ونحاس ، تماثيل أشياء ليست بحيوان ، وقال الضحاك كانت تماثيل حيوان ، وكان هذا من الجائز في ذلك الشرع.
قال القاضي أبو محمد : ونسخ بشرع محمد صلىاللهعليهوسلم ، وقال قوم : حرم التصوير لأن الصور كانت تعبد ، وحكى مكي في الهداية أن فرقة كانت تجوز التصوير وتحتج بهذه الآية وذلك خطأ ، وما أحفظ من أئمة العلم من يجوزه ، و «الجوابي» جمع جابية وهي البركة التي يجبى إليها الماء الذي يجمع قال الراجز : [الرجز]
فصحبت جابية صهارجا |
|
كأنه جلد السماء خارجا |