المعصية (١).
وغير ذلك من كلمات المفسّرين التي توضّح شدّة لحن الخطاب القرآني في هذه السورة الموجّه لحفصة وعائشة ، وأنّ غائلة تظاهرهما هي خيانة دينية ، ونفاق معادي خطير ، ومكيدة عظيمة ، استدعت هذا التصعيد الشامل في النفير والتعبئة الإلهية في صدر السورة ، والتعريض بأقصى الحدّة في ذيل السورة ..
ثمّ إنّ لفظ (ظهير) بمعنى العون والحماية يعطي أنّ المكيدة متّصلة بمسألة تتعلّق بالحياة الأمـنية لوجود النبيّ صلى الله عليه وآله ، وبضميمة كون سبب المكيدة هي أمـر الخلافة بعـده صلى الله عليه وآله ، وأمر أبي بكر وعمر الذي أفشته حفصة أو عائشة إلى الأُخرى ـ كما مرّ ـ ومن ثمّ إلى أبويهما ـ كما تقدّمت الإشارة إلى ذلك ـ.
وبلحاظ كون الحماية الإلهية المستنفرة بالغة القوّة يقتضي أنّ المكيدة لم يكن المتورّط فيها هاتين المرأتين بمفردهما بمجرّد حولهما وقوّتهما ، بل كان ذلك على اتّصال وارتباط بأطراف القضية ، ومَن يعنيه شأن الحدث ، ومَن له علاقة ماسّـة بالخبر المفشى ؛ والذي قد تقدّم أنّ صدر السورة يعطي كون الخبر والحديث يحمل في طيّاته إنذاراً وتحذيراً ، لا بشارةً واستهلالاً ، وإلاّ لَما اقتضت طبيعة الخبر تولّد المكيدة الخطيرة والتسبّب لذلك ..
ولعظم الخطب في هذه الحادثة نرى الآيات الأُخرى المتوسّطة في هذه السورة ، قد حملت الشدّة نفسها في الخطاب والتعريض ، ولم يحاول
____________
(١) مجمع البيان ـ المجلّد ٥ / ٣١٩.