وكفرهم بالله ورسوله قطع العلائق وبتّ الوصل وجعلهم أبعد من الأجانب وأبعد ، وإن كان المؤمن الذي يتّصل به الكافر نبيّاً من أنبياء الله ـ بحال امرأة نوح وامرأة لوط ، لمّا نافقتا وخانتا الرسولين لم يغنِ الرسولان عنهما بحقّ ما بينهما وبينهما من وصلة الزواج إغناءً ما من عذاب الله ، (وقيل) لهما عند موتهما أو يوم القيامة : (ادخلا النار مع) سائر (الداخلين) الّذين لا وصلة بينهم وبين الأنبياء ...
ـ إلى أن قال : ـ وفي طيّ هذين التمثيلين تعريض بأُمّي المؤمنين المذكورتين في أوّل السورة ، وما فرط منهما من التظاهر على رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم بما كرهه ، وتحذير لهما على أغلظ وجه وأشدّه ؛ لِما في التمثيل من ذكر الكفر ونحوه في التغليظ قوله تعالى : (ومن كفر فإنّ الله غنيّ عن العالمين) ، وإشارة إلى أنّ من حقّهما أن تكونا في الإخلاص والكمال فيه كمثل هاتين المؤمنتين ـ أي : آسية ومريم ـ وأن لا تتّكلا على أنّهما زوجا رسول الله ؛ فإنّ ذلك الفضل لا ينفعهما إلاّ مع كونهما مخلصتين.
والتعريض بحفصة أرجح ؛ لأنّ امرأة لوط أفشت عليه كما أفشت حفصة على رسول الله ، وأسرار التنزيل ورموزه في كلّ باب بالغة من اللطف والخفاء حدّاً يدقّ عن تفطّن العالم ، ويزلّ عن تبصّره ...
ـ إلى أن قال : ـ فإن قلت : ما كانت خيانتهما؟ قلت : نفاقهما وإبطانهما الكفر ، وتظاهرهما على الرسولين ؛ فامرأة نوح قالت لقومه : إنّه مجنون ، وامرأة لوط دلّت على ضيافته ، ولا يجوز أن يراد بالخيانة الفجور ؛ لأنّه سـمج في الطباع ، نقيصـة عند كلّ أحـد ، بخلاف الكفر ، فإنّ الكفّار لايستسمجونه بل يستحسنونه ويسمّونه حقّاً ، وعن ابن عبّـاس (رض) :