فلمّا قرأ الكتاب الحرّ عرضه
علىٰ الحسين وأراده علىٰ النزول هناك علىٰ غير ماء وفي غير قرية . فقالوا : دعنا ننزل في هذه القرية ـ يعنون الغاضرية ـ .
فقال : لا والله ، ما أستطيع
هذا ، أما تَرَوْن الرجل قد بَعَثه عَيْناً ؟!
فقال زهَير بن القين : يا بن
بنت رسول الله ! قتال هؤلاء الساعة أهون علينا من قتال من يأتينا من بعدهم ، فلعمري ليأتينا من بعد مَن لا قِبَل لنا به .
فقال الحسين : لا أبدؤهم
بالقتال .
قال زهير : فسِرْ بنا إلىٰ
هذه القرية القريبة ، فإنّها حصينة وهي علىٰ شاطئ الفرات ، فإن منعونا قاتلناهم ، فقِتالهم اليوم أسهل منه غداً .
فقال الحسين : وأيّة قرية هي
؟
فقال : العَقْر .
فقال : اللّهمّ إنّي أعوذ بك
من العقر .
ثمّ نزل ، وذلك يوم الخميس
الثاني من المحرّم سنة إحدىٰ وستّين .
وكان عبيد الله قد ولّىٰ
عمر بن سعد بن أبي وقّاص الري ، وكتب عهده عليها وجهّز معه أربعة ألف ؛ لغلبة الديلم عليها . فخرج عمر وقد كان عسكر بحمّام أعين ، فلمّا كان من أمر الحسين ما كان ، كتب إليه عبيد الله بن زياد أن : سر إلىٰ الحسين ، فإذا فرغنا ممّا كان بيننا وبينه سرت إلىٰ
عملك .
فكتب إليه : إن رأيت أن
تعفيني فعلت .
فقال : نعم ، علىٰ أن
تردّ علينا عهدنا .
فاستعظم عمر بن سعد أمر
الحسين وٱستشار نصحاءه فلم يشر عليه أحد ، ثمّ حلي في قلبه الري وملكه ، وأقبل حتّىٰ نزل عند الحسين في