بنفس رسول الله صلىاللهعليهوسلم ولم يفارق شخصه مضجعه وأنها كانت رؤيا رأى فيها الحقائق من ربه عزوجل ، وجوزه الحسن وابن إسحاق ، والحديث ، قال القاضي أبو محمد ، مطول في البخاري ومسلم وغيرهما ، فلذلك اختصرنا نصه في هذا الباب ، وركوب البراق على قول هؤلاء يكون من جملة ما رأى في النوم ، قال ابن المسيب وأبو سلمة بن عبد الرحمن في كتاب الطبري : البراق هو دابة إبراهيم الذي كان يزور عليه البيت الحرام.
قال القاضي أبو محمد : يريد أن يجيء من يومه ويرجع وذلك من مسكنه بالشام ، والصحيح ما ذهب إليه الجمهور ، ولو كانت منامة ما أمكن قريشا التشنيع ولا فضل أبو بكر بالتصديق ، ولا قالت له أم هاني : لا تحدث الناس بهذا فيكذبوك إلى غير هذا من الدلائل ، واحتج لقول عائشة بقوله تعالى : (وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ) [الإسراء : ٦٠] ، ويحتمل القول الآخر لأنه يقال لرؤية العين رؤيا ، واحتج أيضا بأن في بعض الأحاديث : فاستيقظت وأنا في المسجد الحرام وهذا محتمل أن يريد من الإسراء إلى نوم ، واعترض قول عائشة بأنها كانت صغيرة لم تشاهد ولا حدثت عن النبي عليهالسلام ، وأما معاوية فكان كافرا في ذلك الوقت غير مشاهد للحال صغيرا ، ولم يحدث عن النبي صلىاللهعليهوسلم ، وقوله : (سُبْحانَ) مصدر غير متمكن لأنه لا يجري بوجوه الإعراب ولا تدخل عليه الألف واللام ولم يجر منه فعل ، وسبح إنما معناه قال سبحان الله فلم يستعمل سبح إلا إشارة إلى (سُبْحانَ) ، ولم ينصرف لأن في آخره زائدتين وهو معرفة بالعلمية وإضافته لا تزيده تعريفا ، هذا كله مذهب سيبويه فيه ، وقالت فرقة : قال القاضي أبو محمد : نصبه على النداء كأنه قال : «يا سبحان» ، قال القاضي أبو محمد الذي ، وهذا ضعيف ومعناه تنزيها لله ، وروى طلحة بن عبيد الله الفياض أحد العشرة أنه قال للنبي صلىاللهعليهوسلم ما معنى سبحان الله؟ قال : «تنزيها لله من كل سوء» ، والعامل فيه على مذهب سيبويه الفعل الذي هو من معناه لا من لفظه إذ يجر من لفظه فعل ، وذلك مثل قعد القرفصاء واشتمل الصماء ، فالتقدير عنده أنزه الله تنزيها فوقع (سُبْحانَ) مكان قولك تنزيها ، وقال قوم من المفسرين : (أَسْرى) فعل غير متعد عداه هنا بحرف جر تقول سرى الرجل وأسرى إذ سار بالليل بمعنى ، وقد ذكرت ما يظهر في اللفظ من جهة العقيدة ، وقرأ حذيفة وابن مسعود «أسرى بعبده من الليل من المسجد الحرام» ، وقوله من (الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) ، قال أنس بن مالك : أراد المسجد المحيط بالكعبة نفسها ورجحه الطبري وقال : هو الذي يعرف إذا ذكر هذا الاسم ، وروى الحسن بن أبي الحسن عن النبي عليهالسلام أنه قال : «بينا أنا نائم في الحجر إذ جاءني جبريل والملائكة» ، الحديث بطوله. وروى قوم أن ذلك كان بين زمزم والمقام ، وروى مالك بن صعصعة عن النبي عليهالسلام : «بينا أنا عند البيت بين النائم واليقظان» ، وذكر عبد بن حميد الكشي في تفسيره عن سفيان الثوري أنه قال : أسري بالنبي عليهالسلام من شعب أبي طالب ، وقالت فرقة : (الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) مكة كلها واستندوا إلى قوله تعالى : (لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ) [الفتح : ٢٧] وعظم المقصد هنا إنما هو مكة ، وروى بعض هذه الفرقة عن أم هاني أنها قالت : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم ليلة الإسراء في بيتي ، وروي بعضها عن النبي عليهالسلام ، أنه قال : «خرج سقف بيتي» وهذا يلتئم مع قول أم هاني ، وكان الإسراء فيما قال مقاتل قبل الهجرة بعام ، وقاله قتادة ، وقيل بعام ونصف ، قاله عروة عن عائشة وكان ذلك