وقرأ الجمهور : «متّكا» بشد التاء المفتوحة والهمز والقصر ، وقرأ الزهري : «متّكا» مشدد التاء من غير همز ـ وهي قراءة أبي جعفر بن القعقاع وشيبة بن نصاح ، وقرأ الحسن «متكاء» بالمد على إشباع الحركة.
و «السكين» تذكر وتؤنث ، قاله الكسائي والفراء ، ولم يعرف الأصمعي إلا التذكير.
وقولها : (اخْرُجْ) أمر ليوسف ، وأطاعها بحسب الملك ، وقال مكي والمهدوي : قيل : إن في الآية تقديما وتأخيرا في القصص ، وذلك أن قصة النسوة كانت قبل فضيحتها في القميص للسيد ، وباشتهار الأمر للسيد انقطع ما بينها وبين يوسف.
قال القاضي أبو محمد : وهذا محتمل إلا أنه لا يلزم من ألفاظ الآية ، بل يحتمل أن كانت قصة النساء بعد قصة القميص وذلك أن العزيز كان قليل الغيرة بل قومه أجمعين ، ألا ترى أن الإنكار في وقت القميص إنما كان بأن قيل : (إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ) [يوسف : ٢٨] وهذا يدل على قلة الغيرة ، ثم سكن الأمر بأن قال : (يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هذا) [يوسف : ٢٩] وأنت (اسْتَغْفِرِي) [يوسف : ٢٩] وهي لم تبق حينئذ إلا على إنكارها وإظهار الصحة ، فلذلك تغوفل عنها بعد ذلك ، لأن دليل القميص لم يكن قاطعا وإنما كان أمارة ما ؛ هذا إن لم يكن المتكلم طفلا.
وقوله : (أَكْبَرْنَهُ) معناه : أعظمنه واستهولن جماله ، هذا قول الجمهور ، وقال عبد الصمد بن علي الهاشمي عن أبيه عن جده : معناه : حضن ، وأنشد بعض الناس حجة لهذا التأويل : [البسيط]
يأتي النساء على أطهارهنّ ولا |
|
يأتي النساء إذا أكبرن إكبارا |
قال القاضي أبو محمد : وهذا قول ضعيف من معناه منكور ، والبيت مصنوع مختلف ـ كذلك قال الطبري وغيره من المحققين ، وليس عبد الصمد من رواة العلم رحمهالله.
وقوله : (وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَ) أي كثرن الحز فيها بالسكاكين ، وقال عكرمة : «الأيدي» هنا الأكمام ، وقال مجاهد هي الجوارح ، وقطعنها حتى ألقينها.
قال القاضي أبو محمد : فظاهر هذا أنه بانت الأيدي ، وذلك ضعيف من معناه ، وذلك أن قطع العظم لا يكون إلا بشدة ، ومحال أن يسهو أحد عنها ، والقطع على المفصل لا يتهيأ إلا بتلطف لا بد أن يقصد ، والذي يشبه أنهن حملن على أيديهن الحمل الذي كن يحملنه قبل المتك فكان ذلك حزا ، وهذا قول الجماعة.
وضوعفت الطاء في (قَطَّعْنَ) لكثرتهن وكثرة الحز فربما كان مرارا.
وقرأ أبو عمرو وحده «حاشى الله» وقرأ أبيّ وابن مسعود «حاشى الله» ، وقرأ سائر السبعة «حاش لله» ، وفرقة «حشى لله» وهي لغة ، وقرأ الحسن «حاش لله» بسكون الشين وهي ضعيفة وقرأ الحسن ـ أيضا ـ «حاش الإلاه» محذوفا من «حاشى». فأما «حاش» فهي حيث جرت حرف معناه الاستثناء ، كذا قال سيبويه ، وقد ينصب به ، تقول : حاشى زيد وحاشى زيدا ، قال المبرد : النصب أولى إذ قد صح أنها فعل بقولهم : حاش لزيد ، والحرف لا يحذف منه.