و «لعبهم» هذا دخل في اللعب المباح كاللعب بالخيل والرمي ونحوه ، فلا وصم عليهم في ذلك ، وليس باللعب الذي هو ضد الحق وقرين اللهو ، وقيل لأبي عمرو بن العلاء : كيف يقولون : نلعب وهم أنبياء؟ قال : لم يكونوا حينئذ أنبياء.
وقرأ ابن كثير : «نرتع ونلعب» بالنون فيهما ، وبكسر العين وجزم الباء ، وقد روي عنه «ويلعب» بالياء ، وهي قراءة جعفر بن محمد. و «نرتع» ـ على هذا ـ من رعاية الإبل : وقال مجاهد هي من المراعاة : أي يراعي بعضنا بعضا ويحرسه ، وقرأ عاصم وحمزة والكسائي «يرتع ويلعب» بإسناد ذلك كله إلى يوسف ، وقرأ نافع «يرتع» بالياء فيهما وكسر العين وجزم الباء ، ف «يرتع» ـ على هذا ـ من رعي الإبل ؛ قال ابن زيد : المعنى : يتدرب في الرعي وحفظ المال ؛ ومن الارتعاء قول الأعشى:
ترتعي السفح فالكثيب فذاقا |
|
ن فروض القطا فذات الرئال |
قال أبو علي : وقراءة ابن كثير ـ «نرتع» بالنون و «يلعب» بالياء ـ فنزعها حسن ، لإسناد النظر في المال والرعاية إليهم ، واللعب إلى يوسف لصباه.
وقرأ العلاء بن سيابة ، «يرتع ويلعب» برفع الباء على القطع. وقرأ مجاهد وقتادة : «نرتع» بضم النون وكسر التاء و «نلعب» بالنون والجزم. وقرأ ابن كثير ـ في بعض الروايات عنه ـ «نرتعي» بإثبات الياء ـ وهي ضعيفة لا تجوز إلا في الشعر كما قال الشاعر : [الوافر]
ألم يأتيك والأنباء تنمي |
|
بما لاقت لبون بني زياد |
وقرأ أبو رجاء «يرتع» بضم الياء وجزم العين و «يلعب» بالياء والجزم.
وعللوا طلبه والخروج به بما يمكن أن يستهوي يوسف لصباه من الرتوع واللعب والنشاط.
وقوله تعالى : (إِنِّي لَيَحْزُنُنِي) الآية.
قرأ عاصم وابن كثير والحسن والأعرج وعيسى وأبو عمرو وابن محيصن «ليحزنني» بفتح الياء وضم الزاي ، قال أبو حاتم : وقرأ نافع بضم الياء وكسر الزاي والإدغام ، ورواية روش عن نافع : بيان النونين مع ضم الياء وكسر الزاي في جميع القرآن ، وأن الأولى فاعلة والثانية مفعولة ب (أَخافُ). وقرأ الكسائي وحده : «الذيب» دون همز وقرأ الباقون بالهمز ـ وهو الأصل ومنه جمعهم إياه على ذؤبان ، ومنه تذاءبت الريح والذئاب إذا أتت من هاهنا وهاهنا. وروى ورش عن نافع : «الذيب» بغير همز ، وقال نصر : سمعت أبا عمرو لا يهمز ، قال : وأهل الحجاز يهمزون.
وإنما خاف يعقوب الذئب دون سواه ، وخصصه لأنه كان الحيوان العادي المنبت في القطر ، وروي أن يعقوب كان رأى في منامه ذئبا يشتد على يوسف.
قال القاضي أبو محمد : وهذا عندي ضعيف لأن يعقوب لو رأى ذلك لكان وحيا ، فإما أن يخرج على وجهه وذلك لم يكن ، وإما أن يعرف يعقوب بمعرفته لعبارة مثال هذا المرئي ، فكان يتشكاه بعينه ، اللهم إلا