وقرأ الأعمش وغيره «فعماها عليهم». قال أبو حاتم : روى الأعمش عن ابن وثاب «وعميت» بالواو خفيفة.
وقوله : (أَنُلْزِمُكُمُوها) يريد إلزام جبر كالقتال ونحوه ، وأما إلزام الإيجاب فهو حاصل ، وقال النحاس : معناه أن وجبها عليكم ، وقوله في ذلك خطأ.
وفي قراءة أبي بن كعب : «أنلزمكموها من شطر أنفسنا» ، ومعناه من تلقاء أنفسنا. وروي عن ابن عباس أنه قرأ ذلك «من شطر قلوبنا».
وقوله (يا قَوْمِ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مالاً ...) الآية ؛ الضمير في (عَلَيْهِ) عائد على التبليغ.
وقوله : (وَما أَنَا بِطارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا) يقتضي أنهم طلبوا منه طرد الضعفاء الذين بادروا إلى الإيمان به نظير ما اقترحت قريش على رسول الله صلىاللهعليهوسلم بطرد تباعه بمكة الذين لم يكونوا من قريش.
وقوله : (إِنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ) تنبيه على العودة إلى الله ولقاء جزائه المعنى ، فيوصلهم إلى حقهم عندي إن ظلمتهم بالطرد. ثم وصفهم بالجهل في مثل هذا الاقتراح ونحوه.
وقوله (يا قَوْمِ مَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللهِ ...) الآية ؛ هو استفهام بمعنى تقرير وتوقيف ، أي لا ناصر يدفع عني عقاب الله إن ظلمتهم بالطرد عن الخير الذي قبلوه ، ثم وقفهم بقوله : (أَفَلا تَذَكَّرُونَ) وعرض عليهم النظر المؤدي إلى صحة هذا الاحتجاج.
قوله عزوجل :
(وَلا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ وَلا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللهُ خَيْراً اللهُ أَعْلَمُ بِما فِي أَنْفُسِهِمْ إِنِّي إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ (٣١) قالُوا يا نُوحُ قَدْ جادَلْتَنا فَأَكْثَرْتَ جِدالَنا فَأْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ)(٣٢)
قوله : (وَلا أَقُولُ) عطف على قوله : (لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مالاً) [هود : ٢٩] ، ومعنى هذه الآية : أني لا أموه عليكم ولا أتعاطى غير ما أهلني الله له ، فلست أقول (عِنْدِي خَزائِنُ اللهِ) ، يريد القدرة التي يوجد بها الشيء بعد حال عدمه ، وقد يمكن أن يكون من الموجودات كالرياح والماء ، ونحوه ما هو كثير بإبداع الله تعالى له ، فإن سمي ذلك ـ على جهة التجوز ـ مختزنا فيشبه. ألا ترى ما روي في أحمر ريح عاد أنه فتح عليهم من الريح قدر حلقة الخاتم ، ولو كان على قدر منخر الثور لأهلك الأرض. وروي أن الريح عتت على الملائكة الموكلين بتقديرها فلذلك وصفها الله تعالى بالعتو ، وقال ابن عباس وغيره : عتت على الخزان. فهذا ونحوه يقتضي أن ثم خزائن. ثم قال : (وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ) ، ثم انحط على هاتين فقال (وَلا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ) ، ظاهر هذه الآية فضل الملك على البشر وعلى النبيصلىاللهعليهوسلم وهي مسألة اختلاف. وظواهر القرآن على ما قلناه.
قال القاضي أبو محمد : وإن أخذنا قوله (وَلا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ) على حد أن لو قال : ولا أقول إني