يكايسن في حقوقهن وقاله ربيعة ، وقال عكرمة : نزلت في قريش ، وذلك أن الرجل منهم كان يتزوج العشر وأكثر وأقل ، فإذا ضاق ماله مال على مال يتيمه فتزوج منه ، فقيل لهم : إن خفتم عجز أموالكم حتى تجوروا في اليتامى فاقتصروا ، وقال سعيد بن جبير والسدي وقتادة وابن عباس : إن العرب كانت تتحرج في أموال اليتامى ، ولا تتحرج في العدل بين النساء ، كانوا يتزوجون العشر وأكثر ، فنزلت الآية في ذلك ، أي كما تخافون «ألا تقسطوا في اليتامى» ، فكذلك فتحرجوا في النساء ، «وانكحوا» على هذا الحد الذي يبعد الجور عنه ، وقال مجاهد : إنما الآية تحذير من الزنى وزجر عنه ، أي كما تتحرجون في مال اليتامى فكذلك فتحرجوا من الزنى ، وانكحوا على ما حد لكم ، قال الحسن وأبو مالك وسعيد بن جبير : (ما طابَ) ، معناه ما حل.
قال القاضي أبو محمد : لأن المحرمات من النساء كثير. وقرأ ابن أبي عبلة ، «من طاب» على ذكر من يعقل ، وحكى بعض الناس أن (ما) في هذه الآية ظرفية ، أي ما دمتم تستحسنون النكاح.
قال القاضي أبو محمد : وفي هذا المنزع ضعف وقال (ما) ولم يقل ـ من ـ لأنه لم يرد تعيين من يعقل ، وإنما أراد النوع الذي هو الطيب من جهة التحليل ، فكأنه قال : «فانكحوا الطيب» ، وهذا الأمر بالنكاح هو ندب لقوم وإباحة لآخرين بحسب قرائن المرء ، والنكاح في الجملة والأغلب مندوب إليه ، قال عليهالسلام : من استطاع منكم الباءة فليتزوج. و (مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ) : موضعها من الإعراب نصب على البدل من (ما طابَ) ، وهي نكرات لا تنصرف لأنها معدولة وصفة كذا قاله أبو علي. وقال غيره : هي معدولة في اللفظ وفي المعنى ، وأيضا فإنها معدولة وجمع ، وأيضا فإنها معدولة مؤنثة ، قال الطبري : هي معارف لأنها لا تدخلها الألف واللام ، وخطأ الزجاج هذا القول ، وهي معدولة عن اثنين ، وثلاثة ، وأربعة ، إلا أنها مضمنة تكرار العدد إلى غاية المعدود ، وأنشد الزجاج لشاعر [ساعدة بن جؤيّة] : [الطويل]
ولكنّما أهلي بواد أنيسه |
|
ذئاب تبغّي الناس مثنى وموحد |
فإنما معناه اثنين اثنين ، وواحد واحدا ، وكذلك قولك : جاء الرجال مثنى وثلاث ، فإنما معناه : اثنين اثنين ، وثلاثة ثلاثة ، وقرأ يحيى بن وثاب وإبراهيم النخعي «وربع» ساقطة الألف ، وتلك لغة مقصدها التخفيف كما قال الشاعر : على لسان الضب : [المجتث]
لا أشتهي أن أردّا |
|
إلا عرادا عردّا |
وعنكثا ملتبدّا |
|
وصليانا بردا |
يريد باردا. وقوله تعالى : (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَواحِدَةً أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) قال الضحاك وغيره : المعنى ألا تعدلوا في الميل والمحبة والجماع والعشرة بين الأربع أو الثلاث أو الاثنتين ، ويتوجه على قول من قال : إنها نزلت فيمن يخاف أن ينفق مال اليتامى في نكاحاته ، أن يكون المعنى : ألا تعدلوا في نكاح الأربع والثلاث حتى تنفقوا فيه أموال يتاماكم ، أي فتزوجوا واحدة بأموالكم ، أو تسرّوا منها ، ونصب واحدة بإضمار فعل تقديره : فانكحوا واحدة. وقرأ عبد الرحمن بن هرمز والحسن : «فواحدة» بالرفع على الابتداء ، وتقدير الخبر : فواحدة كافية ، أو ما أشبهه ، ورويت هذه القراءة عن أبي عمرو. و (ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) يريد