كطود يلاذ بأركانه |
|
عزيز المراغم والمذهب |
وقول الآخر : [المتقارب]
إلى بلد غير داني المحل |
|
بعيد المراغم والمضطرب |
وقال مجاهد : «المراغم» المتزحزح عما يكره. وقال ابن زيد : «المراغم» المهاجر ، وقال السدي: «المراغم» المبتغى للمعيشة.
قال القاضي أبو محمد عبد الحق : وهذا كله تفسير بالمعنى ، فأما الخاص باللفظة ، فإن «المراغم» موضع المراغمة ، وهو أن يرغم كل واحد من المتنازعين أنف صاحبه بأن يغلبه على مراده ، فكفار قريش أرغموا أنوف المحبوسين بمكة ، فلو هاجر منهم مهاجر في أرض الله لأرغم أنوف قريش بحصوله في منعة منهم ، فتلك المنعة هي موضع المراغمة. وكذلك الطود الذي ذكر النابغة ، من صعد فيه أمام طالب له وتوقل فقد أرغم أنف ذلك الطالب. وقرأ نبيح والجراح والحسن بن عمران «مرغما» بفتح الميم وسكون الراء دون ألف. قال أبو الفتح : هذا إنما هو على حذف الزوائد من راغم ، والجماعة على «مراغم» ، وقال ابن عباس والربيع والضحاك وغيرهم : (السَّعَةِ) هنا هي السعة في الرزق ، وقال قتادة : المعنى سعة من الضلالة إلى الهدى ومن العيلة إلى الغنى ، وقال مالك : السعة سعة البلاد.
قال القاضي رحمهالله : والمشبه لفصاحة العرب أن يريد سعة الأرض وكثرة المعاقل ، وبذلك تكون «السعة» في الرزق واتساع الصدر لهمومه وفكره وغير ذلك من وجوه الفرح ، ونحو هذا المعنى قول الشاعر [حطان بن المعلّى].
لكان لي مضطرب واسع |
|
في الأرض ذات الطّول والعرض |
ومنه قول الآخر : [الوافر]
وكنت إذا خليل رام قطعي |
|
وجدت وراي منفسحا عريضا |
وهذا المعنى ظاهر من قوله تعالى : (أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ واسِعَةً) وقال مالك بن أنس رضي الله عنه : الآية تعطي أن كل مسلم ينبغي أن يخرج من البلاد التي تغير فيها السنن ويعمل فيها بغير الحق ، وقوله تعالى (وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ) الآية : حكم باق في الجهاد والمشي إلى الصلاة والحج ونحوه ، أما أنه لا يقال : إن بنفس خروجه ونيته حصل في مرتبة الذي قضى ذلك الفرض أو العبادة في الجملة ، ولكن يقال : وقع له بذلك أجر عظيم ، وروي : أن هذه الآية نزلت بسبب رجل من كنانة ، وقيل : من خزاعة من بني ليث ، وقيل : من جندع ، لما سمع قول الله عزوجل الذين (لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً) قال : إني لذو مال وعبيد ـ وكان مريضا ـ فقال : أخرجوني إلى المدينة ، فأخرج في سرير فأدركه الموت بالتنعيم ، فنزلت الآية بسببه ، واختلف في اسمه ، فحكى الطبري عن ابن جبير : أنه ضمرة بن العيص ، أو العيص بن ضمرة بن زنباع ، وحكي عن السدي : أنه ضمرة بن جندب ، وحكي عن عكرمة : أنه جندب بن ضمرة الجندعي ، وحكي عن ابن جبير أيضا : أنه ضمرة بن بغيض الذي من بني ليث ، وحكى أبو عمر بن عبد البر : أنه ضمرة بن العيص ، وحكى المهدوي : أنه ضمرة بن نعيم ، وقيل : ضمرة بن خزاعة ، وقرأت