كَمَثَلِ) معناه أن الذي يتحصل في نفس الناظر في أمرهم كمثل الذي يتحصل في نفس الناظر في أمر المستوقد ، وبهذا يزول الإشكال الذي في تفسير قوله تعالى : (مَثَلُ الْجَنَّةِ) [الرعد : ٣٥ ، محمد : ١٥] وفي تفسير قوله تعالى : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) [الشورى : ١١] لأن ما يتحصل للعقل من وحدانيته وأزليته ونفي ما لا يجوز عليه ليس يماثله فيه شيء ، وذلك المتحصل هو المثل الأعلى الذي في قوله عزوجل : (وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلى) [النحل : ٦]. وقد جاء في تفسيره أنه لا إله إلا الله ففسر بجهة الوحدانية.
وقوله : (مَثَلُهُمْ) رفع بالابتداء والخبر في الكاف ، وهي على هذا اسم كما هي في قول الأعشى : [البسيط].
أتنتهون ولا ينهى ذوي شطط |
|
كالطعن يذهب فيه الزيت والفتل |
ويجوز أن يكون الخبر محذوفا تقديره مثلهم مستقر كمثل ، فالكاف على هذا حرف ، ولا يجوز ذلك في بيت الأعشى لأن المحذوف فاعل تقديره شيء كالطعن ، والفاعل لا يجوز حذفه عند جمهور البصريين ، ويجوز حذف خبر الابتداء إذا كان الكلام دالا عليه ، وجوز الأخفش حذف الفاعل ، وأن يكون الكاف في بيت الأعشى حرفا ووحد الذي لأنه لم يقصد تشبيه الجماعة بالجماعة ، وإنما المقصد أن كل واحد من المنافقين فعله كفعل المستوقد ، و (الَّذِي) أيضا ليس بإشارة إلى واحد ولا بد ، بل إلى هذا الفعل : وقع من واحد أو من جماعة.
قال النحويون : الذي اسم مبهم يقع للواحد والجميع. و (اسْتَوْقَدَ) قيل معناه أوقد ، فذلك بمنزلة عجب واستعجب بمعنى.
قال أبو علي : وبمنزلة هزىء واستهزأ وسخر واستسخر ، وقر واستقر وعلا قرنه واستعلاه ، وقد جاء استفعل بمعنى أفعل أجاب واستجاب ومنه قول الشاعر [كعب بن سعد الغنوي] : [الطويل].
فلم يستجبه عند ذاك مجيب
وأخلف لأهل واستخلف إذا جلب لهم الماء ، ومنه قول الشاعر : [الطويل]
ومستخلفات من بلاد تنوفة |
|
لمصفرة الأشداق حمر الحواصل |
ومنه قول الآخر : [الطويل]
سقاها فروّاها من الماء مخلف
ومنه أوقد واستوقد قاله أبو زيد ، وقيل استوقد يراد به طلب من غيره أن يوقد له على المشهور من باب استفعل ، وذلك يقتضي حاجته إلى النار ، فانطفاؤها مع حاجته إليها أنكى له. واختلف في (أَضاءَتْ) فقيل يتعدى لأنه نقل بالهمزة من ضاء ، ومنه قول العباس بن عبد المطلب في النبيصلىاللهعليهوسلم : [المنسرح]
وأنت لما ولدت أشرقت ال |
|
أرض وضاءت بنورك الطرق |