وعلى هذا ، ف (ما) في قوله : (ما حَوْلَهُ) مفعولة ، وقيل (أضاءت) لا تتعدى ، لأنه يقال ضاء وأضاء بمعنى ، ف (ما) زائدة ، وحوله ظرف. واختلف المتأولون في فعل المنافقين الذي يشبه فعل (الذي استوقد نارا).
فقالت طائفة : هي فيمن آمن ثم كفر بالنفاق ، فإيمانه بمنزلة النار إذا أضاءت ، وكفره بعد بمنزلة انطفائها وذهاب النور.
وقال الحسن بن أبي الحسن وغيره : «إن ما يظهر المنافق في الدنيا من الإيمان فيحقن به دمه ويحرز ماله ويناكح ويخالط كالنار التي أضاءت ما حوله ، فإذا مات صار إلى العذاب الأليم ، فذلك بمنزلة انطفائها وبقائه في الظلمات».
وقالت فرقة : إن إقبال المنافقين إلى المسلمين وكلامهم معهم كالنار وانصرافهم إلى مردتهم وارتكاسهم عندهم كذهابها.
وقالت فرقة : إن المنافقين كانوا عند رسول الله صلىاللهعليهوسلم والمؤمنين في منزلة بما أظهروه ، فلما فضحهم الله وأعلم بنفاقهم سقطت المنزلة ، فكان ذلك كله بمنزلة النار وانطفائها.
وقالت فرقة منهم قتادة : نطقهم ب «لا إله إلا الله» والقرآن كإضاءة النار ، واعتقادهم الكفر بقلوبهم كانطفائها.
قال جمهور النحاة : جواب «لما» ذهب ، ويعود الضمير من «نورهم» في هذا القول على (الذي) ، ويصح شبه الآية بقول الشاعر : [الأشهب بن رميلة] : [الطويل].
وإنّ الذي حانت بفلج دماؤهم |
|
هم القوم كلّ القوم يا أمّ خالد |
وعلى هذا القول يتم تمثيل المنافق بالمستوقد ، لأن بقاء المستوقد في ظلمات لا يبصر كبقاء المنافق على الاختلاف المتقدم.
وقال قوم : جواب «لما» مضمر ، وهو طفئت ، والضمير في «نورهم» على هذا للمنافقين والإخبار بهذا هو عن حال تكون في الآخرة وهو قوله تعالى : (فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بابٌ) [الحديد : ١٣].
قال القاضي أبو محمد : وهذا القول غير قوي ، وقرأ الحسن بن أبي الحسن وأبو السمال «في ظلمات» بسكون اللام ، وقرأ قوم «ظلمات» بفتح اللام.
قال أبو الفتح : في ظلمات وكسرات ثلاث لغات : اتباع الضم الضم والكسر الكسر أو التخفيف بأن يعدل إلى الفتح في الثاني أو التخفيف بأن يسكن الثاني ، وكل ذلك جائز حسن ، فأما فعلة بالفتح فلا بد فيه من التثقيل اتباعا فتقول ثمرة وثمرات.
قال القاضي أبو محمد : وذهب قوم في «ظلمات» بفتح اللام إلى أنه جمع ظلم فهو جمع الجمع ، والأصم الذي لا يسمع ، والأبكم الذي لا ينطق ولا يفهم ، فإذا فهم فهو الأخرس ، وقيل الأبكم والأخرس واحد ،