بكسر العين في الماضي وفتحها في المستقبل نحو علم وشرب ، وكذلك فيما جاء معتل العين نحو خال يخال ، فإنهم يقولون تخال وأخال.
و (نَسْتَعِينُ) أصله نستعون نقلت حركة الواو إلى العين وقلبت ياء لانكسار ما قبلها ، والمصدر استعانة أصله استعوانا نقلت حركة الواو إلى العين فلما انفتح ما قبلها وهي في نية الحركة انقلبت ألفا ، فوجب حذف أحد الألفين الساكنين ، فقيل حذفت الأولى لأن الثانية مجلوبة لمعنى ، فهي أولى بالبقاء ، وقيل حذفت الثانية لأن الأولى أصلية فهي أولى بالبقاء ، ثم لزمت الهاء عوضا من المحذوف ، وقوله تعالى : (اهْدِنَا) رغبة لأنها من المربوب إلى الرب ، وهكذا صيغة الأمر كلها ، فإذا كانت من الأعلى فهي أمر ، والهداية في اللغة الإرشاد ، لكنها تتصرف على وجوه يعبر عنها المفسرون بغير لفظ الإرشاد ، وكلها إذا تؤملت رجعت إلى الإرشاد ، فالهدى يجيء بمعنى خلق الإيمان في القلب ، ومنه قوله تعالى : (أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ) [البقرة : ٥] وقوله تعالى : (وَاللهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) [يونس : ٢٥] وقوله تعالى : (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ) [القصص : ٥٦] وقوله تعالى : (فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ) [الأنعام : ١٢٥].
قال أبو المعالي : فهذه آية لا يتجه حملها إلا على خلق الإيمان في القلب ، وهو محض الإرشاد.
قال القاضي أبو محمد رحمهالله : وقد جاء الهدى بمعنى الدعاء ، من ذلك قوله تعالى : (وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ) [الرعد : ٧] أي داع وقوله تعالى : (وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) [الشورى : ٥٢] وهذا أيضا يبين فيه الإرشاد ، لأنه ابتداء إرشاد ، أجاب المدعو أو لم يجب ، وقد جاء الهدى بمعنى الإلهام ، من ذلك قوله تعالى : (أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى) [طه : ٥].
قال المفسرون : معناه «ألهم الحيوانات كلها إلى منافعها». وهذا أيضا بين فيه معنى الإرشاد ، وقد جاء الهدى بمعنى البيان ، من ذلك قوله تعالى : (وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ) [فصلت : ١٧].
قال المفسرون : «معناه بينا لهم». قال أبو المعالي : معناه دعوناهم ومن ذلك قوله تعالى : (إِنَّ عَلَيْنا لَلْهُدى) [الليل : ١٢] أي علينا أن نبين ، وفي هذا كله معنى الإرشاد.
قال أبو المعالي : وقد ترد الهداية والمراد بها إرشاد المؤمنين إلى مسالك الجنان والطرق المفضية إليها ، من ذلك قوله تعالى في صفة المجاهدين : (فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمالَهُمْ سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بالَهُمْ) [محمد: ٥] ومنه قوله تعالى : (فَاهْدُوهُمْ إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ) [الصافات : ٢٣] معناه فاسلكوهم إليها.
قال القاضي أبو محمد عبد الحق رضي الله عنه : وهذه الهداية بعينها هي التي تقال في طرق الدنيا ، وهي ضد الضلال وهي الواقعة في قوله تعالى : (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) على صحيح التأويل ، وذلك بين من لفظ (الصِّراطَ) ، والهدى لفظ مؤنث ، وقال اللحياني : «هو مذكر» قال ابن سيده : «والهدى اسم من أسماء النهار» قال ابن مقبل : [البسيط].
حتى استبنت الهدى والبيد هاجمة |
|
يخشعن في الآل غلفا أو يصلينا |