محتملان ، وقوله (مِنْ تَحْتِهَا) يعني من تحت أشجارها وعلوها من الغرف ونحوها و (خالِدِينَ) نصب على الحال ، وقوله : (وَأَزْواجٌ) عطف على الجنات وهو جمع زوج وهي امرأة الإنسان ، وقد يقال زوجة ، ولم يأت في القرآن ، و (مُطَهَّرَةٌ) ، معناه من المعود في الدنيا من الأقذار والريب وكل ما يصم في الخلق والخلق ، ويحتمل أن يكون الأزواج الأنواع والأشباه ، والرضوان ، مصدر من الرضى وفي الحديث عن النبي عليهالسلام : أن أهل الجنة إذا استقروا فيها وحصل لكل واحد منهم ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر قال الله لهم : أتريدون أن أعطيكم ما هو أفضل من هذا؟ قالوا يا ربنا وأي شيء أفضل من هذا؟ فيقول الله تعالى : «أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم أبدا» ، هذا سياق الحديث ، وقد يجيء مختلف الألفاظ والمعنى قريب بعضه من بعض ، وفي قوله تعالى : (وَاللهُ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ) وعد ووعيد.
قوله تعالى :
(الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا إِنَّنا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَقِنا عَذابَ النَّارِ (١٦) الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحارِ) (١٧)
(الَّذِينَ) بدل من «الذين اتقوا» [آل عمران : ١٥] ، فسر في هذه الآية أحوال المتقين الموعودين بالجنات ، ويحتمل أن يكون إعراب قوله : (الَّذِينَ) في هذه الآية رفعا على القطع وإضمار الابتداء ويحتاج إلى القطع وإضمار فعل في قوله : (الصَّابِرِينَ) والخفض في ذلك كله على البدل أوجه. ويجوز في (الَّذِينَ) ، وما بعده النصب على المدح؟ والصبر في هذه الآية معناه على الطاعات وعلى المعاصي والشهوات ، والصدق معناه في الأقوال والأفعال ، والقنوت ، الطاعة والدعاء أيضا وبكل ذلك يتصف المتقي ، والإنفاق معناه في سبيل الله ومظان الأجر كالصلة للرحم وغيرها ، ولا يختص هذا الإنفاق بالزكاة المفروضة ، والاستغفار طلب المغفرة من الله تعالى ، وخص تعالى السحر لما فسر النبيصلىاللهعليهوسلم في قوله ، ينزل ربنا عزوجل كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول ، من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ فلا يزال كذلك حتى يطلع الفجر.
وروي في تفسير قول يعقوب عليهالسلام : سوف أستغفر لكم ربي ، أنه أخر الأمر إلى السحر ، وروى إبراهيم بن حاطب عن أبيه قال : سمعت رجلا في السحر في ناحية المسجد يقول : رب أمرتني فأطعتك ، وهذا سحر فاغفر لي ، فنظرت فإذا ابن مسعود ، وقال أنس بن مالك : أمرنا أن نستغفر بالسحر سبعين استغفارة ، وقال نافع : كان ابن عمر يحيي الليل صلاة ثم يقول : يا نافع آسحرنا؟ فأقول ـ لا ـ فيعاود الصلاة ثم يسأل ، فإذا قلت نعم قعد يستغفر ، فلفظ الآية إنما يعطي طلب المغفرة ، وهكذا تأوله من ذكرناه من الصحابة ، وقال قتادة : المراد بالآية المصلون بالسحر ، وقال زيد بن أسلم : المراد بها الذين يصلون صلاة الصبح في جماعة وهذا كله يقترن به الاستغفار ، والسحر والسحر ، بفتح الحاء وسكونها آخر الليل ، قال الزجاج وغيره : هو قبل طلوع الفجر ، وهذا صحيح لأن ما بعده الفجر هو من اليوم لا من الليلة ،