باب في فضل تفسير القرآن
والكلام على لغته والنظر في إعرابه ودقائق معانيه
روى ابن عباس أن رجلا سأل النبي صلىاللهعليهوسلم فقال : أي علم القرآن أفضل؟ فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «عربيته فالتمسوها في الشعر».
وقال أيضا صلىاللهعليهوسلم : «أعربوا القرآن والتمسوا غرائبه فإن الله يحب أن يعرب».
قال القاضي أبو محمد عبد الحق رضي الله عنه : إعراب القرآن أصل في الشريعة ، لأن بذلك تقوم معانيه التي هي الشرع.
وقال أبو العالية في تفسير قوله عزوجل : (وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً) [البقرة: ٢٦٩] ، قال : «الحكمة» الفهم في القرآن ، وقال قتادة : «الحكمة» القرآن والفقه فيه ، وقال غيره : «الحكمة» تفسير القرآن.
وذكر علي بن أبي طالب رضي الله عنه جابر بن عبد الله فوصفه بالعلم ، فقال له رجل : جعلت فداك ، تصف جابرا بالعلم وأنت أنت؟ فقال : إنه كان يعرف تفسير قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ) [القصص : ١٩٧].
وقال الشعبي : رحل مسروق إلى البصرة في تفسير آية ، فقيل له : إن الذي يفسرها رحل إلى الشام ، فتجهز ورحل إليه حتى علم تفسيرها.
وقال إياس بن معاوية : مثل الذين يقرؤون القرآن وهم لا يعلمون تفسيره كمثل قوم جاءهم كتاب من ملكهم ليلا وليس عندهم مصباح فتداخلتهم روعة لا يدرون ما في الكتاب ، ومثل الذي يعرف التفسير كمثل رجل جاءهم بمصباح فقرؤوا ما في الكتاب.
وقال ابن عباس : «الذي يقرأ ولا يفسر كالأعرابي الذي يهذ الشعر».
وقال مجاهد : «أحب الخلق إلى الله أعلمهم بما أنزل».
وقال الحسن : «والله ما أنزل الله آية إلا أحب أن يعلم فيمن أنزلت وما يعني بها».
وقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «لا يفقه الرجل كل الفقه حتى يرى للقرآن وجوها كثيرة».
وقال الحسن : «أهلكتهم العجمة ، يقرأ أحدهم الآية فيعيى بوجوهها حتى يفتري على الله فيها».
وكان ابن عباس يبدأ في مجلسه بالقرآن ثم بالتفسير ثم بالحديث.
وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : «ما من شيء إلا وعلمه في القرآن ولكن رأي الرجل يعجز عنه».