وقال السدي : «حسنة
الدنيا المال» ، وقيل : حسنة الدنيا المرأة الحسناء ، واللفظة تقتضي هذا كله وجميع
محابّ الدنيا ، وحسنة الآخرة الجنة بإجماع ، و (قِنا عَذابَ النَّارِ) دعاء في أن لا يكون المرء ممن يدخلها بمعاصيه وتخرجه
الشفاعة ، ويحتمل أن يكون دعاء مؤكدا لطلب دخول الجنة ، لتكون الرغبة في معنى
النجاة والفوز من الطرفين ، كما قال أحد الصحابة للنبي صلىاللهعليهوسلم : «أنا إنما أقول في دعائي اللهم أدخلني الجنة وعافني من
النار ، ولا أدري ما دندنتك ولا دندنة معاذ» ، فقال له رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «حولها ندندن».
وقوله تعالى : (أُولئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا
كَسَبُوا) الآية ، وعد على كسب الأعمال الصالحة في صيغة الإخبار
المجرد ، والرب تعالى سريع الحساب لأنه لا يحتاج إلى عقد ولا إلى إعمال فكر ، وقيل
لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه : كيف يحاسب الله الخلائق في يوم؟ فقال «كما يرزقهم
في يوم» ، وقيل : الحساب هنا المجازاة ، كأن المجازي يعد أجزاء العمل ثم يجازي
بمثلها ، وقيل معنى الآية سريع مجيء يوم الحساب ، فالمقصد بالآية الإنذار بيوم
القيامة ، وأمر الله تعالى عباده بذكره في الأيام المعدودات ، وهي الثلاثة التي
بعد يوم النحر ، وهي أيام التشريق ، وليس يوم النحر من المعدودات ، ودل على ذلك
إجماع الناس على أنه لا ينفر أحد يوم القر وهو ثاني يوم النحر ، فإن يوم النحر من
المعلومات ، ولو كان يوم النحر في المعدودات لساغ أن ينفر من شاء متعجلا يوم القر
، لأنه قد أخذ يومين من المعدودات ، وحكى مكي والمهدوي عن ابن عباس أنه قال : «المعدودات
هي أيام العشر» ، وهذا إما أن يكون من تصحيف النسخة ، وإما أن يريد العشر الذي بعد
يوم النحر ، وفي ذلك بعد ، والأيام المعلومات هي يوم النحر ويومان بعده لإجماعهم
على أنه لا ينحر أحد في اليوم الثالث ، والذكر في المعلومات إنما هو على ما رزق
الله من بهيمة الأنعام.
وقال ابن زيد : «المعلومات
عشر ذي الحجة وأيام التشريق» ، وفي هذا القول بعد ، وجعل الله الأيام المعدودات
أيام ذكر الله ، وقد قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «هي أيام أكل وشرب وذكر لله».
ومن جملة الذكر
التكبير في إثر الصلوات ، واختلف في طرفي مدة التكبير : فقال عمر بن الخطاب وعلي
بن أبي طالب وابن عباس : يكبر من صلاة الصبح من يوم عرفة إلى العصر من آخر أيام
التشريق.
وقال ابن مسعود
وأبو حنيفة : يكبر من غداة عرفة إلى صلاة العصر من يوم النحر.
وقال يحيى بن سعيد
: يكبر من صلاة الظهر يوم النحر إلى صلاة الظهر من آخر يوم التشريق.
وقال مالك : يكبر
من صلاة الظهر يوم النحر إلى صلاة الصبح من آخر أيام التشريق ، وبه قال الشافعي.
وقال ابن شهاب : «يكبر
من الظهر يوم النحر إلى العصر من آخر أيام التشريق».
وقال سعيد بن جبير
: «يكبر من الظهر يوم عرفة إلى العصر من آخر أيام التشريق».
وقال الحسن بن أبي
الحسن : «يكبر من صلاة الظهر يوم النحر إلى صلاة الظهر يوم النفر الأول».