بابها ، وعلى هذا الاحتمال عول الطبري ، وقرأ سعيد بن جبير «الناسي» وتأوله آدم عليهالسلام ، ويجوز عند بعضهم تخفيف الياء فيقول الناس كالقاض والهاد.
قال القاضي أبو محمد عبد الحق رضي الله عنه : أما جوازه في العربية فذكره سيبويه ، وأما جوازه مقروءا به فلا أحفظه ، وأمر تعالى بالاستغفار لأنها مواطنه ومظان القبول ومساقط الرحمة ، وفي الحديث أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم خطب عشية عرفة فقال : «أيها الناس ، إن الله عزوجل قد تطاول عليكم في مقامكم هذا ، فقبل من محسنكم ووهب مسيئكم لمحسنكم إلا التبعات فيما بينكم ، أفيضوا على اسم الله» ، فلما كان غداة جمع ، خطب فقال : «أيها الناس إن الله تطاول عليكم فعوض التبعات من عنده».
وقالت فرقة : المعنى واستغفروا الله من فعلكم الذي كان مخالفا لسنة إبراهيم في وقوفكم بقزح من المزدلفة.
وقوله تعالى : (فَإِذا قَضَيْتُمْ مَناسِكَكُمْ) الآية ، قال مجاهد : «المناسك الذبائح وهراقة الدماء» ، والمناسك عندي العبادات في معالم الحج ومواضع النسك فيه ، والمعنى إذا فرغتم من حجكم الذي هو الوقوف بعرفة فاذكروا الله بمحامده وأثنوا عليه بآلائه عندكم ، وخص هذا الوقت بالقضاء لما يقضي الناس فيه مناسكهم في حين واحد ، وما قبل وما بعد فهو على الافتراق : هذا في طواف وهذا في رمي وهذا في حلاق وغير ذلك ، وكانت عادة العرب إذا قضت حجها تقف عند الجمرة فتتفاخر بالآباء وتذكر أيام أسلافها من بسالة وكرم وغير ذلك ، فنزلت الآية ليلزموا أنفسهم ذكر الله تعالى أكثر من التزامهم ذكر آبائهم بأيام الجاهلية ، هذا قول جمهور المفسرين.
وقال ابن عباس وعطاء : معنى الآية اذكروا الله كذكر الأطفال آباءهم وأمهاتهم ، أي فاستغيثوا به والجؤوا إليه كما كنتم تفعلون في حال صغركم بآبائكم.
وقالت طائفة : معنى الآية اذكروا الله وعظموه وذبوا عن حرمه ، وادفعوا من أراد الشرك والنقص في دينه ومشاعره ، كما تذكرون آباءكم بالخير إذا غض أحد منهم وتحمون جوانبهم وتذبون عنهم ، وقرأ محمد ابن كعب القرظي «كذكركم آباؤكم» أي اهتبلوا بذكره كما يهتبل المرء بذكر ابنه ، فالمصدر على هذه القراءة مضاف إلى المفعول ، و (أَشَدَّ) في موضع خفض عطفا على «ذكركم» ويجوز أن يكون في موضع نصب ، التقدير أو اذكروه أشد ذكرا.
وقوله تعالى : (فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ) الآية ، قال أبو وائل والسدي وابن زيد : كانت عادتهم في الجاهلية أن يدعوا في مصالح الدنيا فقط إذ كانوا لا يعرفون الآخرة ، فنهوا عن ذلك الدعاء المخصوص بأمر الدنيا ، وجاء النهي في صيغة الخبر عنهم ، والخلاق : النصيب والحظ ، و (مَنْ) زائدة لأنها بعد النفي ، فهي مستغرقة لجنس الحظوظ.
وقال قتادة : «حسنة الدنيا العافية في الصحة وكفاف المال».
وقال الحسن بن أبي الحسن : «حسنة الدنيا العلم والعبادة».