أَن تَبْتَغُوا فَضْلًا مِّن رَّبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِن كُنتُم مِّن قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ) (١٩٨)
قوله : (لَمْ يَجِدْ) إما بعدم المال وإما بعدم الحيوان ، و (فِي الْحَجِ) قال عكرمة وعطاء : له أن يصومها في أشهر الحج وإن كان لم يحرم بالحج.
وقال ابن عباس ومالك بن أنس : له أن يصومها منذ يحرم بالحج.
وقال عطاء أيضا ومجاهد : لا يصومها إلا في عشر ذي الحجة.
وقال ابن عمر والحسن والحكم : يصوم يوما قبل يوم التروية ويوم التروية ويوم عرفة ، وكلهم يقول: لا يجوز تأخيرها عن عشر ذي الحجة لأن بانقضائه ينقضي الحج.
وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه وابن عمر ومالك بن أنس وجماعة من أهل العلم : من فاته صيامها قبل يوم النحر فله صيامها في أيام التشريق ، لأنها من أيام الحج.
وقال قوم : له ابتداء تأخيرها إلى أيام التشريق لأنه لا يجب عليه الصيام إلا بأن لا يجد يوم النحر.
وقوله تعالى : (وَسَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ) قال مجاهد وعطاء وإبراهيم : المعنى إذا رجعتم من منى فمن بقي بمكة صامها ، ومن نهض إلى بلده صامها في الطريق.
وقال قتادة والربيع : هذه رخصة من الله تعالى ، والمعنى إذا رجعتم إلى أوطانكم فلا يجب على أحد صوم السبعة إلا إذا وصل وطنه ، إلا أن يتشدد أحدكما يفعل من يصوم في السفر في رمضان ، وقرأ زيد بن علي «وسبعة» بالنصب ، أي وصوموا سبعة ، ولما جاز أن يتوهم متوهم التخيير بين ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع أزيل ذلك بالجملة من قوله تعالى : (تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ) قال الحسن بن أبي الحسن : المعنى كاملة في الثواب كمن أهدى ، وقيل كاملة في الثواب كمن لم يتمتع ، وهذا على أن الحج الذي لم تكثر فيه الدماء أخلص وأفضل خلافا لأبي حنيفة ، وقيل : (كامِلَةٌ) توكيد كما تقول كتبت بيدي ، وكقوله تعالى : (فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ) [النحل : ٦] ، وقيل : لفظها الإخبار ومعناها الأمر أي أكملوها فذلك فرضها.
وقال الأستاذ الأجل أبو الحسن علي بن أحمد : المعنى تلك كاملة ، وكرر الموصوف تأكيدا كما تقول زيد رجل عاقل.
وقوله تعالى : (ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ) الآية ، الإشارة إلى التمتع وهديه وحكمه ، وهذا على قول من يرى أن المكي لا تجوز له المتعة في أشهر الحج ، فكان الكلام ذلك الترخيص ، ويتأيد هذا بقوله (لِمَنْ) ، لأن اللام أبدا إنما تجيء مع الرخص ، تقول لك إن تفعل كذا ، وأما مع الشدة فالوجه أن تقول عليك ، وأما من يرى أن المكي يعتمر ولا دم عليه لأنه لم يسقط سفرا فالإشارة بذلك ـ على قوله ـ هي إلى الهدي ، أي ذلك الاشتداد والإلزام.