جعل الإشارة ب (هؤُلاءِ) إلى أشخاص الأسماء وهي غائبة ، إذ قد حضر ما هو منها بسبب ، وذلك أسماؤها ، وكأنه قال لهم في كل اسم لأي شخص هذا.
قال القاضي أبو محمد رحمهالله : والذي يظهر أن الله تعالى علم آدم الأسماء وعرض مع ذلك عليه الأجناس أشخاصا ، ثم عرض تلك على الملائكة وسألهم عن تسمياتها التي قد تعلمها آدم ، ثم إن آدم قال لهم هذا اسمه كذا ، وهذا اسمه كذا ، و (هؤُلاءِ) لفظ مبني على الكسر والقصر فيه لغة تميم وبعض قيس وأسد ، قال الأعشى : [الخفيف].
هؤلا ثم هؤلا كلا أعطي |
|
ت نعالا محذوة بنعال |
و (كُنْتُمْ) في موضع الجزم بالشرط ، والجواب عند سيبويه فيما قبله ، وعند المبرد محذوف ، والتقدير : إن كنتم صادقين فأنبئوني.
وقال ابن مسعود وابن عباس وناس من أصحاب النبي عليهالسلام ، معنى الآية : (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) في أن الخليفة يفسد ويسفك.
وقال آخرون : (صادِقِينَ) في أني إن استخلفتكم سبحتم بحمدي وقدستم لي.
وقال الحسن وقتادة : روي أن الملائكة قالت حين خلق الله آدم : ليخلق ربنا ما شاء فلن يخلق خلقا أعلم منا ولا أكرم عليه ، فأراد الله تعالى أن يريهم من علم آدم وكرامته خلاف ما ظنوا فالمعنى إن كنتم صادقين في دعواكم العلم.
وقال قوم : معنى الآية (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) في جواب السؤال عالمين بالأسماء. (قالُوا) : ولذلك لم يسغ للملائكة الاجتهاد وقالوا : (سُبْحانَكَ) حكاه النقاش. قال : ولو لم يشترط عليهم الصدق في الإنباء لجاز لهم الاجتهاد كما جاز للذي أماته الله مائة عام حين قال له «كم لبثت؟» ولم يشترط عليه الإصابة. فقال ، ولم يصب فلم يعنف.
قال القاضي أبو محمد رحمهالله : وهذا كله محتمل.
وحكى الطبري أن بعض المفسرين قال : معنى (إِنْ كُنْتُمْ) «إذ كنتم».
قال الطبري : وهذا خطأ. وإن قال قائل ما الحكمة في قول الله تعالى للملائكة (إِنِّي جاعِلٌ) الآية ، قيل : هذا منه امتحان لهم واختبار ليقع منهم ما وقع ويؤدبهم تعالى من تعليم آدم وتكريمه بما أدب.
و (سُبْحانَكَ) معناه : تنزيها لك وتبرئة أن يعلم أحد من علمك إلا ما علمته ، و (سُبْحانَكَ) نصب على المصدر.
وقال الكسائي : «نصبه على أنه منادى مضاف».
قال الزهراوي : موضع (ما) من قولهم (ما عَلَّمْتَنا) نصب ب (عَلَّمْتَنا) ، وخبر التبرئة في (لَنا) ، ويحتمل أن يكون موضع (ما) رفعا على أنه بدل من خبر التبرئة ، كما تقول لا إله إلا الله أي لا إله في