الفصاحة راجعة اليهما بحيث يكون اللفظ جزلا والمعنى حسنا (١).
ويعد ـ فكم تمنيت أن تكون هذه الصورة كاملة حتى تعطينا شكلا مستقلا لآراء المدرسة الجبائية العظيمة. ولكم أعوزتنا النصوص المسعفة ، وسنجد فى آراء القاضى عبد الجبار. ما نصبوا إليه أن شاء الله. ولنقف قليلا مع الرمانى ثم نعود إلى ما كنا فيه بآراء القاضى فى الإعجاز.
الرّمّانى والإعجاز
هو أبو الحسن بن عيسى بن على بن عبد الله الرمانى ، ويعرف بالإخشيد وبالوراق ، ولكنه بالرمانى أشتهر ، نحوى ومتكلم ، وكان أماما فى علم العربية ، علامة فى الأدب فى طبقة أبى على الفارسى وأبى سعيد السيرافى ، ولم يقتصر على ذلك بل كان مفننا فى علوم كثيرة من الفقه والقرآن والنحو واللغة والكلام على مذهب المعتزلة.
وأصله من سرّ من رأى ، وولد ببغداد سنة ٢٩٦ ه وتوفى فى ليلة الأحد الحادية عشرة فى جمادى الأولى سنة ٣٨٤ ه والرابعة والعشرين من يونيو سنة ٩٩٤ م. وكان ذلك ببغداد مسقط رأسه ، ودفن بالشونيزية (٢) عليه رحمة الله وبركاته ، وكان يمزج المنطق بالنحو حتى أصبح من النحويين الذين لا يفهم كلامهم وعيب بذلك. قال أبو على الفارسى : إن كان النحو ما يقوله الرمانى ، فليس معنا منه شىء ، وإن كان النحو ما نقوله فليس معه منه شىء (٣).
وقد ترك الرمانى مؤلفات عديدة فى القرآن ، منها «تفسير القرآن»
__________________
(١) الدكتور شوقى ضيف ـ البلاغة تطور وتاريخ ـ ١١٥ و ١١٦.
(٢) انظر فى ترجمة الرمانى هذه المصادر. أبو حيان التوحيدى ـ الامتناع والمؤانسة ١ / ١٠٨ و ١٢٨. ابن العماد ـ شذرات الذهب ٣ / ١٠٩ ، الحموى ـ معجم الأدباء ١٤ / ٧٤ ، والبغدادى ـ تاريخ بغداد ١٢ / ١٦ وابن خلكان ـ الوفيات ١ / ٤٧١ والسمعانى ـ الأسباب ـ ٢٥٨ والأنبارى ـ نزهة الألباء ٢١٨ وابن تغرى بردى ـ النجوم الزاهرة ـ ٤ / ١٦٨ وأبو الفداء ـ المختصر فى أحيا البشر ٢ / ٤٢٠ وابن الأثير ـ الكامل ٩ / ٣٦ والسيوطى ـ بغية الوعاة وقد تابع الحموى فى أن مولده سنة ٢٧٦ ه وابن المرتضى ـ المنية والأمل ـ ٦٥ وكارل بروكلمان تاريخ الأدب العربى ومنه أخذنا تاريخ الوفاة فى السنة الميلادية.
(٣) الحموى ـ معجم الأدباء ١٤ / ٧٤.