وهكذا) واليه ذهب القاضى عبد الجبار (١).
قلنا أن المعتمد عندنا فى آراء أبى هاشم هو ما كتبه عنه تلميذه القاضى عبد الجبار الذى صرح كثيرا بهذه التلمذة له ولأبيه أبى على ، يقول القاضى «فأما شيخنا «أبو هاشم» رحمهالله ، فإن نقض «الفرند» وغيره ...» (٢) ويقول «وقال شيخنا أبو هاشم فى كثير من كتبه ...» (٣).
وقد دافع أبو هاشم عن إعجاز القرآن بالرغم من قوله أنه مخلوق ، حتى لا يؤثر كونه مخلوفا على إعجازه بقوله «إنه وإن خلق قبل ميلاده ، صلىاللهعليهوسلم ، فهو دلالة على نبوته ، لكنه من قبل ، يدل على أنه سيكون نبيا ، ثم يكون له عند البعثة دلالة على أنه نبى ، كما نقول فى سائر الأدلة ، ولا يوصف من قبل بأنه علم ومعجز ، لأن ذلك يفيد فيه انتقاض العادة به ، وانما يصح ذلك بعد البعثة» (٤).
أما عن هؤلاء الذين يدعون أن هناك معارضة للقرآن حدثت ، فيقول لهم أبو هاشم «إن المعارضة لو وقعت من القليل كانت ولا تلبث أن تتكشف على الأيام ، إنّ لم تنكشف فى الحال ، لأن العادة لم تجر فى كتمان مثل ذلك بالاستمرار ، ولو جوّزنا مثله لم نأمن كل متقدم فى الشعر ، وفى زمن كل عالم مبرّز ، أنّ جماعة شاركوه وساووه ومع ذلك انكتم أمرهم البتة ، فى سائر الأوقات ، والمتعالم من حال أسرار الملوك مع تشددهم فى كتمها ، أنها قد انكشفت ، على الأوقات ، فكيف يجوز فى مثل ذلك أن ينكتم أبدا! فلو عارضت هذه الفرقة القليلة القرآن لوجب أن يظهر آخرا ، على الأيام ، إن لم يظهر أوّلا. على أن العادة لم تجر بأن يتمكن العاقل من فضل باهر يساوى به كل من تقدّم كلّ التّقدّم ، ويجب كتمانه لبعض الأغراض. وإن أوجب ذلك فى وقت لتقية وخوف ، فلا بد من أن يجب نشره من بعد ، فلا يجوز فيما حل هذا المحل أن لا يظهر فى الواحد. فكيف فى الجماعة!» (٥).
__________________
(١) القاضى عبد الجبار ـ شرح الأصول ـ ١٨٢ وما بعدها ، وانظر ابن تيمية فى كتابه «منهاج السنة» حين يتعرض لتفسير الكسب عند الأشعرى يقول «... وقالوا عجائب ثلاثة : طفرة النظام ، وأحوال أبى هاشم وكسب الأشعرى» ١ / ٣٢٢ و ٣٢٣.
(٢) القاضى عبد الجبار ـ إعجاز القرآن ـ ٩ و ٣١٠.
(٣) نفس المصدر ٣٤.
(٤) نفس المصدر ـ ٢٧٣.
(٥) القاضى عبد الجبار ـ إعجاز القرآن ـ ٢٣١.