يقول فى المقدمة «ومن
خصائص هذا الكتاب تأسيس قوانين فصل الخطاب والكلام الفصيح ، بإفراد المجاز عن
الحقيقة والكناية عن التصريح» . وإذا كان الأشاعرة قد أخذوا على المعتزلة شطحاتهم فى
إكراه اللغة على استيعاب مبادئهم ، فإن بعض الأشاعرة قد تأثر فى تفسيره للقرآن ،
أفكارا شاعت فى البيئة الاعتزالية ، يسجل ذلك ابن تيمية فى كتابه قائلا (وقد رأيت
من العلماء المفسرين وغيرهم من يذكر فى كتابه وكلامه من تفسيرهم ما يوافق أصولهم ،
التى يعلم أو يعتقد فسادها ، ولا يهتدى لذلك» .
الجانب البلاغى فى
الإعجاز بين المعتزلة والأشاعرة :
مر بنا أوجه الخلاف
، الناتجة عن المبادئ الخاصة بين المعتزلة والأشاعرة فى الجانب الكلامى. وهم أيضا
فى الجانب البلاغى قد اختلفت وجهات نظرهم.
وسنقسم الحديث هنا
الى قسمين :
أولا
: الإعجاز البلاغى بينهما.
ثانيا
: الفواصل والسجع ورأيهما فيها.
١ ـ الإعجاز
البلاغى بينهما :
لاحظنا أن الجاحظ
يرجع إعجاز القرآن لنظمه ، وألف فى ذلك كتابا سقط من يد الزمن وكرر فى مواضع من
كتاباته هذا الرأى من مثل قوله «فى كتابنا المنزّل الذى يدلنا على أنه صدق نظمه
البديع الذى لا يقدر على مثله العباد» وقد اعتنى باللفظ عناية خاصة ولكنه لم يسقط المعانى جملة ،
وكان يرى رأى العتابى من أنها تحل من الألفاظ محل الروح من البدن» .
وأما أبو هاشم
الجبائى ، فقد رأى أن النظم لا يصلح أن يكون مفسرا لفصاحة الكلام ، لأن النظم قد
يكون واحدا ، ويفضل أديب صاحبه فيه ، وأنه لا يوجد فى
__________________