قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

اعجاز القرآن بين المعتزلة والأشاعرة

اعجاز القرآن بين المعتزلة والأشاعرة

اعجاز القرآن بين المعتزلة والأشاعرة

تحمیل

اعجاز القرآن بين المعتزلة والأشاعرة

206/292
*

يقال : أنه مجتهد منتسب ، أو مجتهد فى المذهب ، لأن أهل الظاهر لا يعتبرون أنفسهم أصحاب مذهب بحيث ينتمى إليه من ينتمى ، بل أن الملك الذى يجمعهم هو اقتصارهم فى الاستدلال على النصوص ، واستخراج الفقه من ينابيعه الثلاثة فقط وهى الكتاب والسنة واتفاقهم على عدم تعليل الأحكام ، وليس فيهم تابع ومتبوع ، وقد اتفق المنهاج فى جملته لا فى تفصيله ولا يتبع أحد أحدا ، بل الجميع يقتبسون من النور المحمدى ، ولا فرق بين داود وابن حزم فى هذا فلا يقال ، أنّ ابن حزم تابع لداود ، حتى يقال أنّه منتسب إليه وليس مجتهدا مطلقا (١).

ثانيا ـ فخر الدين الرازى :

وهو فخر الدين محمد بن عمر الرازى ، ولد سنة ٥٤٤ ه‍ بالرّى ، وفيها بدأ تثقفه على أبيه وغيره من متكلمى بلدته وفقهائها وحكمائها وقد تحول مع أستاذه الحكيم أبى محمد الجبلى إلى (مراغة) بأذربيجان ، موغلا فى دراسة الفلسفة والعلوم الدينية ، وأخذ يطوّف ببعض البلدان وامتدت رحلاته إلى الهند ، وأخيرا ألقى عصاه بمدينة (هرات) وفيها لبى نداء ربه فى سنة ٦٠٦ ه‍ ، وله مع المعتزلة محاولات كلامية عنيفة ويبدو أنه كان يميل إلى مذهب الأشاعرة.

وهو يمتاز فى مؤلفاته بدقة التفكير وحدّة المنطق والقدرة على تشعيب المسائل وتعريفها وحصر أقسامها حصرا يحيط بها إحاطة تامة ، وفى ذلك يقول الصفدى (أتى فى كتبه بما لم يسبق إليه ، لأنه يذكر المسألة وتقسيمها وقسمة فروع ذلك التقسيم ، ويستدل بأول السّير والتقسيم فلا يشذ فيه عن تلك المسألة فرع له بها علاقة ، فانضبطت له القواعد وانحصرت له المسائل (٢).

واتجه بهذه الطريقة إلى البلاغة باعتبارها مدار الإعجاز القرآنى ، فألف فيها مصنفة (نهاية الإيجاز فى دراية الإعجاز) وواضح من عنوانه أنه قصد فيه إلى

__________________

(١) أبو زهرة ـ ابن حزم الأندلسى ـ ٢٨٢.

(٢) انظر فى ترجمة الرازى ـ الصفدى ـ الوافى بالوفيات ٤ / ٢٤٨ ، والقفطى ـ تاريخ الحكماء ـ ١٩٠ وابن أبى اصيبعة عيون الأنباء ٢ / ٢٣ والسبكى ـ طبقات الشافعية ٥ / ٢٣ وابن حجر ـ لسان الميزان ٤ / ٤٢٦ وابن العماد ـ شذرات الذهب ـ ٥ / ٢١.