وللإضمار سر جمالى يشير إلى معانى الفخامة والشهرة حتى ليغنى عن التصريح (١) ولاستعمال الأفعال وجوه من الحسن وقف عندها الزمخشرى معالجا ، فوقف عند استعمال الفعل اللازم (٢) والفعل الماضى (٣).
والفعل المضارع (٤) وكذا وقف عند استعمال اسم الفاعل فى الآية (يَوْمَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ) (٥) [الحج ـ ٢] ثم يبين الجمال الكامن فى حذف المفعول به فى الآية (فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) [البقرة ـ ٢٢] فمفعول تعلمون متروك كأنه قيل : وأنتم من أهل العلم والمعرفة ، والتوبيخ فيه آكد ، أى أنتم العرّافون المميزون ، ثم إنّ ما أنتم عليه فى أمر ديانتكم من جعل الأصنام لله أندادا ، هو غاية الجهل ونهاية سخافة العقل (٦).
والزمخشرى يرى فى «البدل» جمالا معنويا ، مفاده أنه تأكيد وتكرير ، فضيلته فضيلة المفسّر والتفسير ، والتفصيل بعد الإجمال ، وذلك فى آية (وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كانَ لَهُ وَلَدٌ) (٧) [النساء ـ ١١] وكذا فى آية (صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ) [الفاتحة ـ ٧] وهى بدل من الصراط المستقيم ، وهو فى حكم تكرير العامل كأنه قيل اهدنا الصراط المستقيم ، اهدنا صراط الذين أنعمت عليهم (٨).
__________________
(١) فى آية [(قُلْ مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ ، فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللهِ ، مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدىً. وَبُشْرى لِلْمُؤْمِنِينَ) [البقرة ٩٧ ـ والكشاف ١ / ٦٨].
(٢) الآية (فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ ، وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ ، لِنُبَيِّنَ لَكُمْ ..) [الحج ـ ٥] والكشاف ـ ٢ / ٥٧.
(٣) الآية (وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ ، فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّماواتِ ، وَمَنْ فِي الْأَرْضِ ، إِلَّا مَنْ شاءَ اللهُ) [النمل ـ ٨٧] والكشاف ـ ٢ / ١٥٣.
(٤) الزمخشرى ـ الكشاف ـ ١ / ٢٧٠ آية (فَرِيقاً كَذَّبُوا وَفَرِيقاً يَقْتُلُونَ) [المائدة ـ ٧٠] و ٢ / ٦٦ وآية (فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً) [الحج ـ ٦٣] ٢ / ٢٣٩ وآية (وَاللهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَسُقْناهُ إِلى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها) [فاطر ـ ٩] والكشاف ٢ / ٢٣٩.
(٥) نفس المصدر ـ ٢ / ٥٦.
(٦) نفس المصدر ـ ١ / ٣٩.
(٧) نفس المصدر ـ ١ / ١٩٥.
(٨) نفس المصدر ـ ١ / ٩.