الوجوه دون ما
عداها ، فان قال (أى المعارض) فقد قلتم إن فى جملة ما يدخل فى الفصاحة حسن المعنى
فهلا اعتبرتموه؟ قيل له : إن المعانى وإن كان لا بدّ منها فلا تظهر فيها المزية ...
ولذلك نجد المعبّرين عن المعنى الواحد يكون أحدهما أفصح من الآخر والمعنى متفق ...
على أنّا نعلم : أن المعانى لا يقع فيها تزايد ، فإذن يجب أن يكون الذى يعتبر ،
التزايد عند الألفاظ التى يعبّر بها عنها ، على ما ذكرناه فإذا صحت هذه الجملة
فالذى به يظهر المزية ليس إلا الإبدال (الاختيار) الذى به تختص الكلمات ، أو
التقدم والتأخر الذى يختص الموقع ، أو الحركات التى تختص الإعراب ، فبذلك تقع
المباينة (أى بين الكلام) .
ويعقب الدكتور
شوقى ضيف على هذه الفقرة فى كتابه قائلا «وبذلك يقترب عبد الجبار اقترابا شديدا من
عبد القاهر فى تفسيره للنّظم فى كتابه (دلائل الإعجاز) ، وحقا إن عبد القاهر حاول
تفسيره ، ولكن حين تحلّل هذه المعانى تجدها تنحل إلى نفس الكلام الذى حاول به عبد
الجبار تصوير الوجوه الذى يقع بها التفاضل فى فصاحة الكلام .
وهذا ابن حزم
الأندلسى الظاهرى (ت ٤٥٦) ـ قد حدثنا فى كتابه عن معانى الحروف ويعرضه بالتفصيل
لتحديد دلالات (واو العطف) و (الفاء) و (ثم) و (أو) و (من) وإلى والياء ... الخ
مبينا لنا حكم كل حرف من هذه الحروف وموضعه من الخبر حسب مرتبة الكلام .
وليس الأمر مقصورا
على مساهمة القدماء فى نظرية النظم قبل الجرجانى بقرون ، فها هم المحدثون يعارضونه
فى استخفافه باللفظ :
فاللفظ له شأن
أيضا فى الجملة ، كما يقول الدكتور إبراهيم سلامة : إن هناك ألفاظا تحمل فى جرسها
المعنى الذى أسمعه الجرس والوقع نفسه ، وما أسماء الأصوات ودلالتها اللفظية على
معناها إلا من هذا القبيل ، وهناك علم برمّته من «بين علوم الملّة» على حد تعبير
ابن خلدون ، تقتصر مباحثه على مخارج
__________________