حسن صورة من اللفظ ، فأعلاها فى الحسن بلاغة القرآن ، وأعلى طبقات البلاغة للقرآن خاصة. وأعلى طبقات البلاغة معجز للعرب والعجم ، كإعجاز الشعر المفحم ، فهذا معجز للعجم خاصة كما ذلك معجز للكافة» (١).
ويقول الباقلانى عن إعجاز القرآن «أنه بديع النظم عجيب التأليف متناه فى البلاغة إلى الحد الذى يعلم عجز الخلق عنه» (٢) ثم يقول ، وأما شأو نظم القرآن فليس له مثال يحتذى عليه ولا أمام يقتدى به ، ولا يصح وقوع مثله اتفاقا» (٣) ويقول أيضا «ونظم القرآن خارج عن المعهود فى نظام جميع كلامهم ومباين للمألوف من ترتيب خطابهم وله أسلوب يختص به» (٤).
فالمتناهى فى البلاغة إلى الحد المعجز عند الباقلانى ، هو البالغ أعلى درجات البلاغة ـ وهى درجة المعجز ـ عند الرمانى. وما كان دون ذلك فهو ممكن.
وبعد ، فأعتقد أن الباقلانى قد قرأ للمعتزلة ـ وبوعى ـ وهم بدورهم قد أثروا فيه بدرجة من الدرجات ، وهو حين هاجمهم ، لفت الأنظار بقوة إلى نظم القرآن وبراعة تأليفه ، فالمدار عنده قبل كل شىء على الصياغة والنظم ـ وأن أسرار الاعجاز كامنة فى نظم القرآن ، لا فى البديع ولا فى وجه من وجوه البلاغة التى أحصاها الرمانى.
__________________
(١) الرمانى ـ النكت ـ ٦٩ و ٧٠.
(٢) الباقلانى ـ إعجاز القرآن ـ ٣٠.
(٣) نفس المصدر ـ ١١٢.
(٤) نفس المصدر ـ ٣٥.