المعقولة التي وضعها الله أمام الإنسان لتكون حاجزا بينه وبين الهلاك الروحي والعملي ، فتمتدون في معصية الله والتمرّد عليه من دون رجوع إلى العقل والوجدان.
* * *
روح القوّة في شخصية الرسل
ونلاحظ من خلال هذا السجال ، روح القوّة في شخصية هؤلاء الرسل الذين لم يشعروا بالضعف عند ما شعروا بقلة عددهم أمام الجماهير الكبيرة التي يمثلها هؤلاء الطغاة المترفون من وجهاء الناس وقادتهم ، فقوتهم مستمدة من إيمانهم وعلاقتهم بربهم وشعورهم بأن هؤلاء لا يتحركون فعليا من مواقع قوّة ، بل من مواقع ضعف ، وسبب ضعفهم يعود إلى تخوفهم من أن تقتنع الجماهير الطيبة البسيطة بالحقيقة من أقرب طريق ، بعيدا عن كل عوامل التعقيد والتكلف ، ولهذا فإنهم لا يريدون للدعاة أن يذكّروا لأنهم يخافون على الناس أن يتذكروا ، بل ربما تصل المسألة إلى المستوى الأخطر عند ما يشعرون باهتزاز قناعاتهم في داخل أنفسهم من خلال ما يسمعونه من كلمات الحق ، ولهذا فإنهم يريدون تفادي سقوطهم أمام أنفسهم التي قد تستجيب للرسل من حيث لا يشعرون.
وهذا ما ينبغي للدعاة أن يستوحوه من هذه القصة ـ الموقف ، ليدرسوا في كل ساحات الصراع التي تخوضها حركة الدعوة ، نقاط الضعف البارزة والخفية لدى القوى المضادة كما يدرسون نقاط القوّة الكامنة في داخل أنفسهم ، وفي مواقعهم الفكرية والعملية ليتوازن عندهم الموقف ، مما يسهّل اندفاعهم بقوّة في خط المواجهة بالكلمة القوية والأسلوب الحاسم ، والفكرة الفاعلة الثابتة ، وليس غير هذا السبيل يوصل إلى عملية صنع القوة.
* * *